أزهري: الأسئلة ليست ممنوعة ولكنها بحاجة لمعالجة
باحث في الشئون الإسلامية: كل الموجودات تتحرك وفق نظام ونسق معين
كاهن كنيسة مارمينا: لا تناقض بين العلم الصحيح والإيمان الصحيح
قس بالكنيسة الإنجيلية: شعور المراهق بالرفض يفقده قيمة حياته
مفكر مسيحي: لن يسدد المراهق احتياجه النفسي إلا بالتواصل مع الله
"إيه معنى حياتي؟".. كثيرا ما يتردد هذا السؤال على أذهان المراهقين، فالله خلق الإنسان حراً متمتعاً بنعمة العقل والتفكير، ولكل فرد منا هدف يسعى لتحقيقه، فالإنسان بدون هدف ميت، ورغم أهمية معرفة سر الوجود الإنساني، إلا أننا نرى الكثير من المراهقين يفقدون معنى حياتهم فيتملكهم اليأس ويسيطرعليهم الإحباط، ولكننا نجد بعض المراهقين يسعون للبحث والتفكير، فيطرحون أسئلة مشروعة مثل "ليه في جنة ونار؟ كيف بدأ الخلق؟" ومن هنا سنستعرض ردود الشيوخ والقساوسة على ما يطرحه المراهقون من تساؤلات، ونلقي الضوء على أسباب فقدان المراهق لشعوره بقيمته وجدوى حياته.
قال الشيخ محمد عبدالهادي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: "تتردد في الآونة الأخيرة هذه الأسئلة من أعمار مختلفة، وكلما قلت الأعمار كثرت الأسئلة، وهذا يرجع إلى ضعف الثقافة العامة، حتى لدى المتصدرين لخطابة المساجد وتعليم أمور الدين".
وأضاف عبدالهادي: "عندما يرى المراهق مثل هذه الأفكار تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي، يدخل في مرحلة الصدمة، فيتوجه إلى المقربين منه، فتكون الإجابة عليه، أنه لا يجب الاطلاع على هذه الأفكار والانصراف عنها دون تفسير"، منوها إلى ضرورة تفسير كل ما يدور في ذهن المراهق خاصة في هذا الأمر، فقد سأل الصحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- كل هذه الأسئلة المشروعة، ولم يعنفهم النبي بل علّمهم دينهم.
وأشار عبدالهادي إلى أن الأسئلة ليست ممنوعة ولكنها بحاجة لمعالجة وكيفية عرضها في أذهان المراهقين، كما تجب علينا الإجابة الكاملة على المراهقين، لكي لا يدخل المراهق في مرحلة العناد، موضحًا أنه بالرغم من مشروعية هذه الأسئلة، إلا أنها مثيرة، والمراهق يظن أن هذه الأسئلة تأتي له بالشهرة وتصنع الجدل.
وأنهى عبدالهادي حديثه مؤكدًا، أن الوصول إلى مصادر العلم والعلماء أضحى يسيرا بوجود التكنولوجيا، داعيا إلى استقاء المعلومات الصحيح من المصادر المتخصصة.
وقال الدكتور عبدالرحمن على، الباحث في الشئون الإسلامية بجامعة عين شمس: "السبب وراء كثرة الأسئلة الوجودية في أذهان المراهقين راجع إلى العوامل النفسية والاجتماعية السياسية، ولكن يجب التركيز على أكثر الأسباب وضوحًا وتأثيرًا، ألا وهي العولمة الثقافية".
وأضاف علي: "مع سهولة وصول هذه الأفكار، والتي قد تكون منها أفكار تنتمي لمدارس فلسفية شديدة التعقيد، يجب أن تكون الإجابات المقدمة للمراهقين مرنة ومعتمدة على برهان، وهو نظام القرآن والسنة، وقائم على أن كل الموجودات تتحرك وفق نسق معين، وهذا ينطبق على الكائنات الحية، والتفاعلات الكيميائية والمعادلات الفيزيائية، ويدل على أن وراء كل هذا خالقا مدبرا متصفا بالعلم والحكمة.
ونوه عبدالرحمن إلى ضرورة الانطلاق من هذا النظام، ليشعر المراهق أنه جزء من هذه الموجودات، له وظيفة ونظام يسير وفقًا لهما، وهذا يدفع المراهق للأمام ويمنحه الاستقرار الداخلي، ومن ثم يجعل عقيدته لا تزعزع بسهولة، مشيرًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له"، فهذا يدل على أن الإنسان من الموجودات، يسير لما خلقه الله له.
وختم الباحث في الشئون الإسلامية حديثه قائلًا: "يجب النظر إلى منتجات العلوم الحديثة، وخاصة علم الفيزياء، لأنه أثبت أن الكون له بداية، فنظرية الانفجار الكبير أثبتت أن الكون عمره 13,6 مليار سنة، وهذه النظرية تحسم الجدل القائم حول كيفية بدء الخلق، ومن ثم يعلم المراهق أن منتجات العلم الحديث تتوافق مع فكرة الإيمان والخلق".
وعلى الجانب الآخر، ذكر القمص رافائيل ثروت، كاهن كنيسة مارمينا بفم الخليج، أنه إذا سأل الأبناء آباءهم عن معنى الحياة، فلا بد أن يؤكدوا لهم أنهم ليسوا مخلوقين صدفة، كما أن وجود جهنم لا يشككنا في محبة الله، فالله عادل، وليس من العدل المساواة بين الأشرار والأبرار، مستشهداً بالآية "الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ".
وتابع ثروت: "الله يحبنا، وسيجازي كل واحد حسب أعماله، أما عن نظرية التطور أو الإنفجار العظيم، فأوضح أنه لا تناقض بين العلم الصحيح والإيمان الصحيح، ولكن هناك فرق بين العلم الذي تم إثباته والنظريات العلمية الأخرى التى لم يتم التحقق منها".
وذكر القمص رافائيل، أن السبب في ظاهرة الانتحار هو فقدان معنى الحياة، مضيفاً أن المراهق الذي لا يدرك سبب وجوده يشعر بأن الحياة بدونه أفضل، ملقيا جزءً من المسؤولية على خُدام الكنسية، مؤكداً أن عليهم بناء علاقة صداقة مع المراهقين، من خلال برنامج الاجتماعات الكنسية وأنشطتها
.
وقال القس جان إميل، بالكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة، أن أسباب الانتحار تتلخص في عدة نقاط أهمها: شعور المراهق بأنه مرفوض بين أسرته وأصدقائه، والتوقعات العالية للمراهق الذي يضع في اعتباره أنه سيحقق أحلامه بسهولة ثم يكتشف أن الواقع أصعب من تصوراته.
وفي السياق ذاته أكد المفكر بيتر عماد، المتخصص في العلوم اللاهوتية، أن فكرة الانتحار قائمة على احتياج نفسي، موضحاً أننا منذ ولادتنا لدينا احتياج عميق، لا بد أن يسدد بما هو أكبر منه، فأوضح أن حالة الفراغ الداخلي لن تسدد إلا بالتواصل مع الله.
لكل مشكلة حل
وأكد عماد ضرورة إدراك المراهق أنه مخلوق بهدف المعرفة والاستكشاف، فالله خلقنا كائنات عقلانية تتمتع بنعمة التفكير والمنطق، وأنه على المراهق بذل الجهد في معرفة هدف الله لحياتنا.
![]() |
المفكر بيتر عماد |
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا برأيك