تأثير البيئة على شخصية المراهق |
د. علي عبد الراضي: سببه تشوش فهم المراهق لمصطلح "الإنسان"
د. هالة حماد: يجب فتح أبواب الحوار للمراهق مع الأهل وتفعيل دور المدرسة
د. جمال فرويز: أنسب حل للتنمر هو تعليم مادة "احترام الآخر"
بالمدرسة
كتبت: أمنية شريف خليل
يعد كل فعل وكل كلمة في الحياة طاقة روحية تنير ما بداخلك، والأخلاق الحميدة كلام وأفعال، والتنمر كلمة وفعل ذميم لا داعٍ له، فكل منا يستحق أن يعيش حياة سعيدة خالية من التنمر والسخرية والإساءة.
قال الدكتور علي عبد الراضي، استشاري العلاج والتأهيل النفسي وعضو الجمعية الأمريكية لعلم النفس، إن سبب التنمر هو معايشة المراهق أثناء تكوين شخصيته لمشكلة من البيئة من حوله، مثل انتقاد الأهل والمقارنة والضغوط النفسية، فيعمل على إزاحة المشكلة عن ذاته بإلصاقها بشخص آخر وانتقاده بنفس الطريقة التهكمية التي أُنتقد بها، ويصبح التنمر شكلًا من أشكال التواصل اللاشعوري لأنه مكبوت بسبب المقارنة والانتقاد، فدورة التنمر تبدأ من التعرض لحالة سلبية مرورًا بالأفكار ثم السلوك المصحوب بالغضب والحزن والقلق ظنًا منه أن ممارسة نفس طقوس الحالة السلبية التي مر بها على شخص آخر سوف تخفف من حدة القلق أو إنه بذلك سيصبح شخصًا ذا سلطة وتحقيق قيادة.
![]() |
الدكتور علي عبد الراضي |
وأوضح أن طبيعة التواصل في الأسرة التي تقوم على العنف والإساءة قد تجعل ذلك النمط من السلوك طبيعيا لدى الطفل، مما يسبب تشوه معارفه، فلا يعتبر التنمر سلوكًا معيبًا.
وأضاف أن التنمر موجود بسبب تشوش فهم المراهق لمصطلح الإنسان الذي له عقل ومشاعر ورؤيته للأشخاص من حوله على أنهم "ديكور"، فهو يستخدم الجميع إرضاءً لحالة التشفي الناتج عن النقص الذي بداخله لإثبات شخصيته والذي يترجمه في صورة تنمر، لفظي بالإهانة أو جسدي بالعنف، أو إلكتروني بوسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف عبد الراضي أن المشاكل النفسية الناجمة عن التنمر رصدتها الجمعية الأمريكية لعلم النفس في مجموعة الدليل الإحصائي للاضطرابات الناجمة عن التنمر، وجاء الانتحار في المركز الأول نتيجة لشعور المراهق بالرفض من أقرانه، ثم الاكتئاب واللجوء للعقاقير الضارة، وإدمان الألعاب الإلكترونية للهروب من الواقع، وحالة العنف والانغلاق، ثم الإحباط المصاحب لعدم الرغبة في التعلم وممارسة الأنشطة، ثم يأتي بعد ذلك القلق لوقوع التنمر في العملية التعليمية والمنزل.
واستكمل أن مواجهة المتنمرين تستدعي التوافق مع النفس فيجب على كل أب وأم بث الثقة في نفوس أبنائهم ليكونوا إيجابيين في الحفاظ على أنفسهم والرد بكلمات لا يتوقعها الشخص المتنمر فمثلًا: إذا كان طفلك يرتدي نظارة وأساء له شخص متنمر فعليه أن يقول له "هذه نظارتي وتعجبني وشكرًا لك سعدت برأيك"، وتعليمه أن رأي الآخرين يُحترم ولكنه لا يؤثر بنا إن كان سلبيا، والله سبحانه وتعالى مطلع على الأفعال والأقوال ويحاسب عليها.
واتفقت معه الدكتورة هالة حماد، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين والعلاقات الأسرية، على أن ظاهرة التنمر ليست جديدة، لكنها تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة في وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي خلقت عزلة دفعت المراهق للتنمر والاستقواء على أقرانه الأضعف.
![]() |
د.هالة حماد |
وأضافت أن الشخص المتنمر من الممكن أن يكون ضحية أيضًا للعنف بسبب البيئة من حوله فعلى الأسرة أن تهتم به وتوجهه، موضحة أن عدم الوعي الاجتماعي عند الأطفال جنى مشكلات كثيرة غير مقصودة فمن المهم فتح أبواب للحوار مع المراهق من الأهل المساندين له وتكثيف دور المدرسة بإعطاء الطلاب دورات تثقيفية عن ظاهرة التنمر وأضرارها، ومتابعة الطلاب ورصد من لديه مشكلات نفسية أو ظروف اجتماعية وزرع الوازع الديني والأخلاقي لدى الطلاب وحب التسامح والتعاون ومساعدة الضعيف.
وقال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن أسوأ أنواع التنمر هو على ذوي الهمم القادرين باختلاف، وذلك بسبب الانحدار المعرفي، وتشويه نفسية الآخرين، ومحاولة تفريغ الغضب، مشيرا إلى أن أنسب حل هو تعليم مادة "احترام الآخر" بالمدرسة، التي أعدتها وزارة التربية والتعليم بناء على توجيهات رئيس الجمهورية، لأنها بالفعل قد تأتي بثمارها وستعلم الحب واحترام المراهقين لبعضهم البعض أيًا كان الجنس واللون.
وأوضح فرويز أن التشريع المصري يعرف التنمر باعتباره جريمة، ويعاقب المتنمرين بالحبس والغرامة المالية وتشديد العقوبة وسيلة رادعة للقضاء على الظاهرة التي تعد سلوكًا غير إنساني.
![]() |
د.جمال فرويز |
وأضافت سوزان طلعت، سفيرة النوايا الحسنة لذوى الإعاقة ووالدة سما، أن ابنتها أرادت أن تفهمه أنه خلق الله وإنهم أشخاص طبيعيين، وتتحدث معه لتغيير فكرته، ولكن هذا الشخص عنفها وسبها، وقال لها إنه يستحقرهم ويشمئز منهم، وبعد أيام من البكاء والاكتئاب قررت سما أن تأخذ حقها من خلال نشر مقطع فيديو تحكي في ما حدث.
وتابعت أن مكتب النائب العام تواصل معها وذهبت إلى النيابة وقدمت محضرًا، وبالفعل تم القبض على الشاب وحُكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها مائة ألف جنيه، وأضافت سما إنها أصبحت أكثر ثقة وسعادة بعد الإستجابة لندائها، وإنها ستجعل كل العالم يحترم ذوي الهمم.
وقالت الطالبتان نورا وندى، في الثالثة عشر من عمرهما، إن التنمر هو أن يجرح شخص شخصا آخر ويزعجه بالكلمات، ولكنه من أنواع اللهو ولا يُقصد به أي شيء، ولا تشعران بتأثيره على الشخص الآخر، فإذا كان كلامه صوابًا فلابد أن يقوله فهذا ليس تنمر بل صراحة،
وأضافت ندى أنها شعرت بالأسف عندما وصمت زميلتها بأنها نحيفة للغاية وبعد ذلك علمت بأنها مريضة بداء السكر، عندما قالت لها إنها متعبة كثيرًا بسبب مرض صديق الإنسان، وهو مرض السكر، وعلى إثر ذلك باتت مذهولة ومتعبة لفترة كبيرة ومتضررة بالأمر، ولكنها مازالت مستمرة في اللهو مع زملائها، ولكنها قللت من حدة كلامها كثيرًا عن ذي قبل، وأصبحت تضع نفسها مكان زملائها.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا برأيك