![]() |
مراهقون تحدوا أنفسهم |
دائمًا ما تنجب مصر النوابغ والمبدعين في المجالات المختلفة خاصة هؤلاء المراهقون الصغار الذين تعمقوا في مجالات أحبوها منذ الصغر وتفوقوا فيها، وما زالوا يبذلون ويطورون من أنفسهم في تلك المجالات حتى يصلوا بها إلى أعلى المستويات ليستفيدوا أكثر منها ويفيدوا بها وطنهم، ولعلنا نستعرض فيما يلي خمسة من هؤلاء النوابغ الذين أجادوا في مجالاتهم، وما زالوا يهدفون إلى الأفضل فيها:
قفازٌ حرير ويدٌ من فولاذ.. قدري جلال موهبة صاعدة في عالم الملاكمة
قفاز يرتدى ثوب الإجادة، يوجه اللكمات صوب الخصوم، يمينًا ويسارًا، قادرة على إسقاط المنافسين أرضًا، لكنَّ هذا القفاز لا يكون قادرًا على ذلك إلا إذا كانت ترديه يد حديدية قادرة على الثبات والتحكم والتوجيه، يد تستطيع ممارسة رياضة الملاكمة التي تتطلب قوة التحمل والتركيز، يد صاحبها أحد أبطال هذه اللعبة الموعودين والمنشود لهم فيها بمستقبل باهر، وهو قدري جلال، بطل الجمهورية في الملاكمة على مستوى المدارس مايو 2021.
لم تكن الملاكمة شغف قدري في البداية، فقد كان مولعًا بكرة القدم إلا أنه لم يجد نفسه متميزًا فيها، ومن ثم اتجه إلى الملاكمة ليجد فيها شغفه وهدفه، كأحد الأبطال الرياضيين، وبدأ قدري لعب الملاكمة في عام 2019، وكان عمره وقتها لا يتجاوز الـ17 عامًا، ولم يقابل أية معوقات في ممارسة اللعبة، فقد شجعته الأسرة على ذلك، ولاقى ترحيبًا كبيرًا من مدربيه بمركز شباب السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، خاصة الكابتن الباز والكابتن يوسف أشرف، واللذان كان لهما الفضل في وصوله إلى هذا المستوى الرائع في اللعبة.
![]() |
قدري جلال |
ولم يمضِ وقت طويل على ممارسته للملاكمة، حتى استطاع قدري أن يجذب الانتباه نحوه، إذ حقق العديد من الإنجازات في عامين فقط من بداية دخوله اللعبة، أهمها: المركز الأول في بطولة الدقهلية على مستوى مراكز الشباب والأندية لمواليد ٢٠٠٣ مرتين متتاليتين عامي 2019 و 2020، والمركز الثاني في بطولة الجمهورية لمواليد 2003 عام 2021، والثالث في بطولة الدقهلية على مستوى المدارس عام 2021، والمركز الأول في بطولة الدقهلية من الدرجة الأولى 2021، والمركز الأول في بطولة الجمهورية للمدارس 2021، وأخيرًا المركز الثالث في بطولة الجامعات 2021 ممثلًا لجامعة القاهرة.
ونال قدري العديد من التكريمات نظير كل تلك الانتصارات، فقد حظي بتكريم مجلس إدارة مركز شباب السنبلاوين، وحصل على شهادة شكر وتقدير من توجيه التربية الرياضية بالسنبلاوين، بالإضافة إلى شهادة تقدير من توجيه التربية الرياضية بمديرية التربية والتعليم بالدقهلية، ويسعى قدري إلى تحقيق المزيد من الانتصارات مستقبلًا، أهمها بطولة الجمهورية من الدرجة الأولى، والمركز الأول في اختبارات المنتخب المصري للملاكمة للانضمام إلى صفوفه، بالإضافة إلى حلمه الأكبر والأهم وهو الحصول على بطولة العالم للملاكمة ليشرف وطنه.
شغف قدري وتعلقه بالملاكمة لم يمثل له عائقًا أمام استكمال دراسته، فقد حصل على شهادة الثانوية العامة عام 2021، والتحق في نفس العام بشعبة اللغة الإنجليزية، بكلية التجارة جامعة القاهرة، كل هذه الانتصارات تجمعها موهبة لم يتجاوز عمرها الـ19 عامًا، فلا شك أن مثل هذه المواهب إذا قوبلت بالدعم المادي والمعنوي الكافيين ستحقق إنجازات عريضة ليس فقط محليًا، وإنما على المستويين الأهم والأصعب؛ القاري والعالمي.
من المنوفية إلى "ناسا".. حكاية نوران السيد "نابغة الفضاء"
"أحب علوم الفضاء منذ الصغر.. كان مجرد حلم، لكن مع دخولي المرحلة الثانوية بدأ الأمر يأخذ خطوات جدية"، هكذا بدأت حكاية نوران السيد، الطالبة بالصف الثالث الثانوي بمدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا STEM، ابنة مدينة الباجور بمحافظة المنوفية، الفائزة بالدورة الأولى لبرنامج "نوابغ الفضاء العرب"، الذي أقامته وكالة الفضاء الإماراتية لتدريب وتأهيل الطلبة للعمل بمجال علوم الفضاء، فوز جاء بعد مراحل من التدريب ولحقه خطوات أخرى لتحويل الحلم لواقع ملموس.
بعد اجتياز الشهادة الإعدادية التحقت نوران بمدارس المتفوقين STEM والتي مارست فيها أنشطة علمية مختصة بعلوم الفضاء، ليتحول الأمر من مجرد حلم لخطوات واقعية ودراسة علمية، وكونت فريقا علميا مع زملائها المهتمين بعلوم الفضاء من مختلف مدارس المتفوقين بالجمهورية، وفي الصف الأول الثانوي تقدموا لمسابقة NASA space apps ليحصدوا المركز الأول على مستوى الجمهورية، كما فازت نوران بالمركز الأول بمسابقة IAAC الدولية في مجال علوم الفضاء.
في أواخر عام ٢٠٢٠ أعلنت وكالة الفضاء الإماراتية عن برنامج "نوابغ الفضاء العرب"، وفتحت باب التقدم للدورة الأولى على ثلاثة مسارات: المواهب وهو المختص بسن ١٤ : ٢٠ سنة، الدراسات العليا وهو المختص بالباحثين، الخبراء وهو المختص بالممارسين، فتقدمت نوران لمسار المواهب، وفي منتصف شهر ديسمبر اجتازت المرحلة الأولى، دخلت مرحلة التصفيات، والتي أجرت فيها مقابلة شخصية عن بعد مع علماء من وكالة الفضاء الإماراتية وعلماء أجانب.
![]() |
نوران السيد |
وفي فبراير ٢٠٢١ انضمت لاجتماع لاستكمال بعض البيانات والمعلومات المطلوبة منها، وتعرب نوران عن المفاجأة قائلة: "دخلت الاجتماع لأتفاجأ بوزيرة البحث العلمي الإماراتية، ورؤساء الوكالة، يخبروني بأني كسبت مع سبعة طلاب من الوطن العربي كله في المسابقة"، هكذا وصفت حالة الدهشة والفرحة معا.
وكانت الجائزة عبارة عن تدريب مكثف عن بعد على مدار أربعة أسابيع، بالتعاون بين الوكالة ومؤسسة space foundation الأمريكية، درست فيه نوران مستويات متقدمة في الفيزياء والفلك، وتكنولوچيا الروبوتات، والكيمياء، والأحياء، بالإضافة إلى محاضرات عن ريادة الأعمال في مجال الفضاء، وحاليا تبحث الوكالة إيفادها وزملائها إلى الإمارات؛ لاستكمال التدريب العملي داخل الوكالة، بعد انتهاء السنة الدراسية الحالية ومرحلة الثانوية العامة.
أما في مصر، فقد أثار الإعلان عن الفوز بالمسابقة اهتماما إعلاميا مما دفع وكالة الفضاء المصرية للتواصل مع الفائزين لتقديم التهنئة، وتنظيم زيارة ميدانية إلى الوكالة ليتعرفوا خلالها على أنشطتها، ويشاهدوا "القرية الكونية" التي يجري إنشائها لخدمة أنشطة الوكالة، بالإضافة إلى ذلك نظمت الوكالة تدريبا صيفيا لمدة شهرين بالتعاون مع مدارس المتفوقين، حول تكنولوجيا الأقمار الصناعية وعلوم الفضاء.
لم يقتصر الأمر على تدريبات المدرسة بل سعت نوران لتوسيع دائرة علاقاتها بالباحثين والممارسين من مصر وخارجها. وعبر موقع LinkedIn، تواصلت مع الدكتور عصام حجي، العالم المصري في وكالة ناسا، وشاركت عن بعد لمدة شهرين في مشروع لصناعة قمر صناعي مصغر مع مهندس مصري يدرس في ألمانيا، يدعى محمد عادل.
وعن المستقبل المهني والعلمي، تحلم نوران بدخول جامعة زويل، وبالتحديد قسم الفيزياء، لكي تتوسع في دراسة الفيزياء دون الاقتصار على الفيزياء الفلكية، كما تحلم بالتخصص في مجال الاستشعار عن بعد في علوم الفضاء، أسوة بالعالم الكبير الدكتور فاروق الباز، أما الحلم الأكبر فهو بالعمل في الفضاء الأمريكية "ناسا"، أو وكالة الفضاء الأوروبية، ثم العودة لإفادة مصر بما تعلمته ومارسته.
وتنصح نوران من يريد الالتحاق بدراسة علوم الفضاء بالبحث عبر الإنترنت عن فرص وتدريبات في علوم الفضاء، مع تحسين اللغة الإنجليزية لأن معظم الفرص والتدريبات ستكون خارج الوطن العربي وباللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى بناء حساب شخصي احترافي على موقع LinkedIn للتواصل مع الباحثين والممارسين من كل دول العالم. فالتواصل عليه أسهل وأفضل وهو مليئ بالخبراء الذين سيكونون سعداء بالتواصل ونقل خبراتهم للطلاب. إلى جانب ما سبق تقدم نوران، بنفسها، بعض الفرص والتدريبات التي يجب متابعتها باستمرار كخطوة أولى على الطريق.
بعض الفرص في مجال علوم الفضاء:
تدريبات صيفية يمكن التقدم إليها حسب شروط كل برنامج سواء أكان حضوريا أو عن بعد من هنا
نشرة مجمعة لبعض التدريبات التي يمكن التقدم إليها من هنا
نشرة أخرى لبعض البرامج التدريبية التي يمكن التقدم إليها من هنا
مسابقة IAAC الدولية في علوم الفضاء والتي تقام سنويا ويمكن التعرف عليها والتقدم من هنا
برنامج معسكر الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأوروبية بالنرويج، يقام كل عام ويعتبر فرصة متميزة خصوصا في علم الصواريخ ويمكن التعرف عليها والتقدم من هنا
برنامج نوابغ الفضاء العرب التابع لوكالة الفضاء الإماراتية والذي سيستقبل الدفعة الثانية قريبا ويمكن التعرف عليه والتقدم إليه من هنا
رابط مجمع لكل الفرص التدريبية التي تقدمها جامعة ستامفورد في مجال علوم الفضاء والفيزياء الفلكية لطلبة المرحلة الثانوية من هنا
ولتدريبات جامعة MIT من هنا
حساب نوران الشخصي للتواصل على فيس بوك ولينكد إن
تدريبات صيفية يمكن التقدم إليها حسب شروط كل برنامج سواء أكان حضوريا أو عن بعد من هنا
نشرة مجمعة لبعض التدريبات التي يمكن التقدم إليها من هنا
نشرة أخرى لبعض البرامج التدريبية التي يمكن التقدم إليها من هنا
مسابقة IAAC الدولية في علوم الفضاء والتي تقام سنويا ويمكن التعرف عليها والتقدم من هنا
برنامج معسكر الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأوروبية بالنرويج، يقام كل عام ويعتبر فرصة متميزة خصوصا في علم الصواريخ ويمكن التعرف عليها والتقدم من هنا
برنامج نوابغ الفضاء العرب التابع لوكالة الفضاء الإماراتية والذي سيستقبل الدفعة الثانية قريبا ويمكن التعرف عليه والتقدم إليه من هنا
رابط مجمع لكل الفرص التدريبية التي تقدمها جامعة ستامفورد في مجال علوم الفضاء والفيزياء الفلكية لطلبة المرحلة الثانوية من هنا
ولتدريبات جامعة MIT من هنا
حساب نوران الشخصي للتواصل على فيس بوك ولينكد إن
رحلتا عمرة مجانيتان.. مكافأة "الزهراء" على حفظ القرآن الكريم
كتبت: هايدي شعبان
يميل أغلب الأشخاص في كل أرجاء العالم للهو والعبث أو الجلوس على شاشات التليفزيون بأوقات فراغهم، لكن الأمر كان مختلفًا بالنسبة لفتاة في ربيع العمر، طالبة بالثانوية العامة بمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة، حيث قضت أوقات فراغها في شيء مثمر ومفيد، ألا وهو حفظ كتاب الله، ولم يشغلها عنه أي أمر من أمور حياتنا اليومية.
بدأت رحلة الزهراء أحمد، في ختام القرآن الكريم، منذ عامها الثالث من العمر، بتشجيع والدتها التي كانت تجلس معها ليلًا ونهارًا لتعاونها على قراءته وحفظه بإتقان، مستعينة بالمصحف المعلم، للشيخ الحُصري، حتى أتمت معها حفظ سورة يس، وعقب ذلك علمت بوجود مُحفظة للقرآن الكريم بأحد روضات الأطفال ببلدتهم، وتدعى المعلمة سامية.
واستكملت المعلمة والفتاة طريقهما حتى ختمت الزهراء القرآن الكريم وهي في سن الستة أعوام، حتى قبل أن تلتحق بالكتّاب وبمدرستها الأزهرية، مما أثار إعجاب المعلمين ودهشتهم، عندما كانت تتقدم الإذاعة المدرسية لتتلو القرآن بصوتها العذب.
وفي ذات يوم، اشتركت الزهراء في مسابقة القرآن الكريم، على مستوى مركز كوم حمادة، وحصلت على المركز الأول، وبعد استلام الجائزة المادية البالغة 3 آلاف جنيه، تفاجأت الفتاة وأسرتها بأن الجائزة تتضمن رحلة عمرة أيضا، وهنا قفزت قلوبهم فرحا بالخبر السعيد، وسافرت الفتاة ووالدها ووالدتها لزيارة الكعبة المشرفة ببركة حفظ القرآن الكريم.
ولم تقف الفتاة عند ذلك الحد، بل شاركت في مسابقات أخرى، وللمرة الثانية يبتسم لها القدر، ويمنّ عليها برحلة عمرة مجانية أخرى، بعد ثلاث سنوات من الرحلة الأولى.
وتأمل الزهراء بأن تصبح مُحفظة للقرآن الكريم في المستقبل، وأن تنشئ دار تحفيظ كبيرة ببلدتها، وأن تُدرّس للصغار العلوم الشرعية، متمنة أن تُعلم أطفالها القرآن الكريم منذ الصغر، كما فعلت والدتها معها.
نجمة المشروع الوطني للقراءة.. منة أشرف رحلة قارئة "محترفة"
كتب: محمد أبو شنب
دونا عن كل أبناء جيلها لا تجد ذاتها في النقاش إلا مع من يكبرها سنا ويفوقها علمًا، منة الله أشرف محمد، صاحبة الستة عشر عاما، والحاصلة على المركز الثالث فئة الطالب المثقف في المرحلة الإعدادية، ضمن الموسم الأول من المشروع الوطني للقراءة. مشوار طويل ومهارات متعددة تمتلكها ابنة مركز دكرنس بمحافظة الدقهلية، فمن القراءة إلى البدء في تعلم البرمجة هناك محطات عدة في حياة منة رغم حداثتها.
لم يكن المشروع الوطني للقراءة بداية عهدها مع الكتب فمذ صغرها استطاعت ختم القرآن الكريم كاملا؛ بالإضافة إلى رغبتها في قراءة وفهم تفسير كل سورة على حدة. وهنا لاحظت والدة منة حب ابنتها الشديد للقراءة، وتقول منة: "بدأت أمي بتشجيعي وكانت تقرأ لي الكتب القصيرة والمجلات إلى أن تعلقت بالقراءة، وبدأت في الصف الرابع الابتدائي المشاركة في مسابقات القراءة"، فكانت أولى مشاركاتها في "تحدي القراءة العربي"، وكمعظم الأبطال لم تبتسم الحياة لها من أول مرة؛ فما زادها ذلك غير إصرار لتطوير لغتها ونوعية الكتب وطريقة المناقشة، ومن جديد قررت المشاركة مرة أخرى في نفس المسابقة، وتمكنت من انتزاع المركز الثاني على مستوى الجمهورية.
![]() |
منة أشرف |
دعاها هذا النجاح لمزيد من التطوير والمثابرة والإصرار على التعلم، فبذلت وسعها وبدأت بشراء الكتب؛ فكونت مكتبة في منزلها، وتقول: "أحببت حينها نقل تجربتي وحبي للقراءة، ومساعدة كل من يرغب في الاشتراك في هذه المسابقات فكنت عضوة في مبادرة سفراء القراءة"، واستطاعت منة خوض أول محاولة لكتابة قصة قصيرة، حينما شاركت في مسابقة "ونس الكتب"، ولا زالت تحاول.
بدأت رحلة منة بالمشروع الوطني للقراءة، حينما علمت من مشرفي المدرسة بفتح باب التسجيل للموسم الأول، ومن خلال صفحة المشروع الوطني للقراءة على الفيسبوك، ولم يمر الكثير من الوقت حتى بدأت تلخص الثلاثين كتابا المطلوبين واستعدت للمناقشة، كانت مراحل التصفيات على مستوى المدرسة، ثم الإدارة والمديرية، ومن ثم على مستوى الجمهورية، لتحديد المراكز. وكانت المفاجأة باختيار منة ضمن العشرين الأوائل، جرت مرحلة أخرى من التصنيفات لترتيب المراكز، فكللت نجاحاتها بالحصول على المركز الثالث.
وفي ختام حديثها تنصح منة من يريد البدء في القراءة وخوض تجربة المسابقات: "ابحر في كل العلوم لتتمكن من تحديد المجال المفضل لك، والذي تستطيع أن تبدع فيه، ثم خصص وقتًا يوميا للقراءة وتطوير ذاتك، واجعها هديتك لنفسك بعد يوم عمل شاق".
الأبنودي الصغير.. ساجد محمد طفل بموهبة شاعر
الأبنودي الصغير، والشاعر الفصيح، واللسان الطليق، والطفل الموهبة، وأصغر عضو باتحاد الكُتاب والمثقفين العرب، ساجد محمد عبد الفتاح، ذو الثلاثة عشر عامًا، إن سُئل عن سنه، أما عن شعره فهو ذو العمر الكبير، بدأت القصة عندما كانت الأستاذة هبة سعد والدة ساجد تستمع إلى أحد المقطوعات الشعرية، وساجد بعمر الأربع سنوات، وطالبها بأن تعيد له ما تسمع مرة أخرى، وأخذ يردد الكلمات من تلقاء نفسه، وتطور الأمر بأنه أصبح يقوله غيابيًا، ويريد أن يعرف ما تعنيه الكلمات، ومن هنا توهجت الفكرة في عقل والدته، فقررت تدريبه على النطق الصحيح للكلمات وفهم معانيها.
وباتت الأم تبني حب الشعر في قلب ساجد، خطوة تلو الأخرى، بخبرتها كخريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة، وأصبح ساجد يردد الكلمات نهارًا وليلًا، حتى فاجأها بسرعة بديهته في كيفية إلقاء الكلمات وحفظها، وبدأ والده يسعد به عند سِماعه بأدائه المتميز وإحساسه المرهف، وإيمانًا بدور المدرسة في إيقاظ موهبة الطفل، أصبح يلقي شعرًا في كل حفلة تقيمها المدرسة، ويتسلل إلى قلبك عند سماعه، إنه بات أياما وليالي في كتابتها من شدة تجانسه معها.
![]() |
ساجد محمد |
وعند بلوغه ست سنوات، ألقى الشعر بدار الأوبرا، وبخُطى ثابتة وقلب رجل ألقى قصائد لشعراء كبار، وسَرد كلمات الشاعر عبد الله حسن في قصيدة "إللي مقالتوش ليا أمي"، كما ألقى قصيدة "باسمك يا مصر" بأداء متميز في مسابقة مبدعي المستقبل، فأثنى عليه الحاضرون، وتعهدت الدكتورة بثينة كشك، وكيل وزارة التربية والتعليم بالجيزة، ودكتور عادل عبد المنعم وكيل المديرية، بتبني موهبته حتى يصبح شاعرًا عظيمًا.
ولأن الله يعطي الموهبة لمن يختصه، وتنمو مع من يحرص عليها ويتشبث بها، سنحت له الفرصة للمشاركة في الندوة التثقيفية التاسعة عشر للقوات المسلحة، كأول طفل يلقي قصيدة أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي للراحل عبد الرحمن الأبنودي "الرجل إللي فتح القنال"، ليشيد به الرئيس قائلًا "ربنا يحفظك"، وبعدها توالت الدعوات على ساجد للظهور التليفزيوني وإلقاء الشعر، وحظي في كل مرة بإعجاب الحضور، ومنهم الشاعر جمال بخيت.
وفكر ساجد في أن يطور من نفسه، فمع حب إلقاء الشعر شرع في تأليفه، وهو في عمر التسع سنوات، وتوالت التدوينات الشعرية مثل أبياته الشعرية "في يوم كنا" و "أنا المصري"، وحصل على المركز الثاني على مستوى الجمهورية من الهيئة العامة لقصور الثقافة، كما اشترك في مسرحية الليلة المحمدية، ومهرجان “القوى الناعمة” بدار الأوبرا المصرية، واحتفاليات مؤسسة مصر تبتكر.
وبحلول عام ٢٠٢١، حصل الشاعر الصغير على وسام التميز عن إدارة الموهوبين بالجيزة، كما حصل على المركز الثالث في جائزة الدولة للمبدع الصغير، تحت رعاية السيدة انتصار السيسي، ورشحه الأستاذ محمد ناصف، رئيس المجلس القومي لثقافة الطفل، للمشاركة باسم مصر في مسابقة السفير الثقافي الصغير للصين، التي تنظمها جمهورية الصين بالقاهرة، ويشترك بها متسابقون من جميع أنحاء العالم، واستعد ساجد للمسابقة وألقى أبيات شعرية باللغة الصينية، وفاز بالمركز الأول، وأصبح السفير الثقافي الصيني الصغير، وتم تسجيله ضمن أفضل عشر أطفال على مستوى العالم.
وعن أُمنية ساجد في حياته الدراسية، قال إنه كان لم يقرر بعد، إذ يحلم بأن يصبح طبيبًا للنساء، لأنه يرى أن أفضل لحظة في حياة الإنسان هي لحظة بدء حياته، ولكن مع حبه للشعر واللغات بدأ يفكر في الالتحاق بكلية الألسن ليصبح مترجمًا، أو الالتحاق بكلية الإعلام ليصبح مقدم برامج، وعن طموحاته الأدبية يقول إنه يريد أن يصدر أول ديوان شعري له.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا برأيك