القائمة الرئيسية

الصفحات

إلكترونياً وقانونيا ونفسيا.. دليلك لمواجهة الابتزاز الإلكتروني


الابتزاز الإلكتروني وتداعياته النفسية



أستاذ طب نفسي: أسبابه تدهور حاضنات المواهب وتراجع الوعي والقيم 

خبير أمن معلومات يقدم نصائح الوقاية.. ونائبة برلمانية تطالب بتغليظ العقوبات


تقرير: محمد عبد الله أبو شنب


ظهر الجانب السيء للتكنولوجيا، تزامنا مع التطور المذهل لشبكات التواصل الاجتماعي وتزايد الاعتماد عليه في ظل جائحة كورونا؛ متمثلا في انتشار ظاهرة الابتزاز الإلكتروني. خلال شهرين فقط ظهرت أربع حالات ابتزاز جنسي لفتيات؛ ثلاثة منهم في شهر واحد، وثلاثة منهم أيضا أنهوا حياتهم بالانتحار.

كانت قصة انتحار بسنت وهايدي الأكثر تداولا، خاصة أن الفتاتين تعرضتا لظروف ابتزاز متشابه، بالتهديد ونشر صور جنسية مفبركة. مع اختلاف دوافع الانتحار لكل منهما، فالأولي صارحت أسرتها وأخبرتها بزيف هذه الصور لكن مع الضغوط المجتمعية على الأهل والانتشار الواسع للصور ظن الأهل بابنتهم سوءً؛ فانتحرت بسنت للتخلص من ضغوط ونظرات المجتمع الظالم. أما الثانية فقد آثرت الانتحار على ألا تواجه مجتمع يتوق لنشر الفضائح والصور الجنسية التي تبين فبركتها فيما بعد. العامل المشترك بين هاتين الفتاتين اللتين لم تبلغا العشرين؛ هو الانتحار بسبب الضغط النفسي مع غياب القدرة على اتخاذ الإجراء المناسب قانونيا وإلكترونيا.

وهو ما دعانا للوقوف لمعرفة الأسباب المجتمعية، والتقنية، والنفسية، التي أدت لتفشي ظاهرة الابتزاز الإلكتروني، ومحاولة تقديم الاقتراحات والعلاج الإلكتروني، والقانوني، والنفسي، من خلال مختصين. علّنا ننقذ روحا كادت أن تزهق.

أنت أقوى.. قاوم الابتزاز
ومن الناحية النفسية التي أدت لتلك الجرائم، تحدث الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، قائلا: "هناك عدة عوامل أثرت في المجتمع ككل، خصوصا الأجيال الشابة التي لم تأخذ فرصة كافية لعيش حياة اجتماعية سليمة. من خلال الاشتباك في علاقات، والقيام بهوايات واهتمامات تشغل وقتهم وتفكيرهم. وهذا يرجع لعدة أسباب أهمها عدم تتوفر بنية تحتية سليمة ومهيأة لحياة طبيعية كالمكتبات والملاعب والنوادي وحاضنات المواهب عموما، التي تساعد على بناء أجيال ذات صحة نفسية سليمة".

وتابع عبد الله أنه في ظل تدهور الواقع وعدم تلبيته للاحتياجات الطبيعة للشباب والأطفال؛ يلجأ الجميع إلى هجرة جماعية، من الواقع المتدهور، إلى الفضاء الإلكتروني الأكثر تطورا وإشباعا لهذه الاحتياجات. موضحا أن الهجرة الجماعية للتكنولوجيا أخذت معها الكثير من سلبيات الواقع كالتحرش والابتزاز، لكن بشكل إلكتروني، غير أنها سهلت من ارتكاب تلك الجرائم دون وجود حسيب ولا رقيب.

وأضاف أستاذ الطب النفسي، أن مشكلة في الفضاء الإلكتروني تكمن في غياب الضبط الاجتماعي إلا على استحياء، وتسيد اللذات والشهوات، مع إمكانية تغير الهوية الإلكترونية بسهولة. فتزيد جرائم الابتزاز والتنمر. مع الحاجة لإشباع الجانب العاطفي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وهنا يكون التعارف غير مشروط فيتم تبادل المعلومات والصور، وصولا إلى تبادل الصور الجنسية أو فبركتها. لاستغلالها فيما بعد للمساوة والابتزاز للحصول على مقابل أكبر سواء جنسي أو مادي
.


واستكمل عبد الله أن الخطورة تكمن في الضغط النفسي الناتج عن الابتزاز، ثم تأتي معضلة إمكانية مصارحة الأهل، وفي الغالب هذا لا يتم حتى لو كانت الفتاة بريئة تماما؛ بسب الخوف من رد الفعل الأسرة وعدم وعيهم بخطورة تكنولوجيا "التزييف العميق"، ومن هنا نستطيع القول إن المشكلات متداخلة ومتراكمة بداية من تدهور البنية التحتية ونقص ثقافة ووعي الوالدين وصولا التطور التكنولوجي المذهل وتداخل الاحتياجات مع منظومة القيم.


وعن الحلول الجذرية لهذه المشكلات أوضح أستاذ الطب النفسي، أن الحل يبدأ من توفير البيئة الصحية المناسبة لاستعادة الحياة الطبيعة، ومن ثم زيادة الوعي المجتمعي. أما عن التصرف الأفضل لمواجهة الابتزاز الإلكتروني نفسيا، فيكون من خلال احتواء الأهل لأبنائهم فلا يكونون سببا في زيادة الضغط النفسي عليهم، والسعي لأخذ حقوقهم بالقانون ومعاقبة الجاني، وعلى الأبناء الاحتفاظ بهوية إلكترونية واحدة دون تعدد أو تزييف، ووضع سياق خاص وحدود للتحدث إلى الغرباء. بجانب تنويع الأنشطة واستغلال الجانب الإيجابي للتكنولوجيا في تطوير الذات.

لكل مشكلة حل
وعن الخطوات المتبعة الكترونيا للتعامل مع الابتزاز، أوضح المهندس مصطفى متولي، خبير أمن المعلومات، أن الممارسات الخاطئة في التعامل على التكنولوجيا وأهمها "الأثر التراكمي"؛ بالتعود على مشاهدة الخطأ على أنه طبيعي؛ فيترسخ في العقل على أنه شيء إيجابي يمكن تقليده. وهذا يتضح أكثر على منصة تيك توك، فأغلبه يقوم محتوى التباهي والتفاخر مما يثير المشاهدين خاصة البنات ودفعهم للتقليد الأعمى. ومن ناحية أخرى تدعم الشركات المالكة للمنصات السلوكيات الشاذة التي تحقق نسبة مشاهدة عالية. والمسؤولية المجتمعية هنا نبذ هذه السلوكيات لا الترويج لنشرها.


وأضاف خبير أمن المعلومات، أن التعامل مع الابتزاز إلكترونيا يتم من خلال مرحلتين: الأولى الحماية والوقاية للتقليل من فرص الاختراق من خلال: تجنب وضع الصور والمعلومات الخاصة على الجهاز، التقليل من تداول ونشر الصور على مواقع التواصل وبالأخص الصور الأمامية "السيلفي"، واتباع نظم حماية الخصوية المطلوبة في كل جهاز، مع القيام بالتحديثات المطلوبة، وربط مواقع التواصل بالإيميل، واستخدام كلمات مرور مختلفة ومعقدة، وتغييرها في حالة السرقة.


وتابع: تحميل البرامج من مصادر موثوقة مثل: Play Store-App Store ، وتجنب الهواتف الصينية مثل: شاومي، ريلمي، لأنها أكثر عرضة للاختراق، واستخدام برامج الحماية من الفيروسات، وتجنب الدخول على مواقع أو روابط غير آمنة، وعدم استخدام النسخ المخترقة من البرامج المدفوعة، وتفريغ الجهاز من الخصوصيات قبل إرساله لمراكز الصيانة.

والمرحلة الثانية من مواجهة الاختراق الإلكتروني تتمثل في حالة التعرض بالفعل للاختراق والابتزاز؛ حيث يمكن اتخاذ بعض الإجراءات التي تخفف من حدة الأمر: منها سرعة إبلاغ مباحث الإنترنت مع الاحتفاظ بالأدلة، وزيادة الوعي المجتمعي في التعامل مع منشورات الفضائح وعدم دعمها، ومناشدة الجهات الرسمية والمسؤولين بتفعيل آليات أكثر صرامة لحظر تداول وتجريم منشورات الابتزاز الجنسي.

حقك بالقانون
ومن الناحية القانونية، فالقانون المعمول به حاليا في مجال تقنية المعلومات، هو قانون 175 لعام 2018، حسبما ذكرت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، موضحة أن عقوبات جرائم تقنية المعلومات تتراوح من الحبس لمدة ستة أشهر والغرامة بما لا يتجاوز مائة ألف جنيه، لكل من انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته.

وتكون العقوبة الحبس من سنتين إلى خمس سنوات، وغرامة تتراوح من مائة ألف إلى 300 ألف جنيه، لكل من تعمد استعمال برنامج أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه.




وأضافت النائبة، أن القانون يعاقب الجاني دون النظر لموقف الضحية سواء شارك في الجريمة أم لا. موضحة أنها تقدمت بمشروع قانون لمجلس النواب بشأن تعديل بعض أحكام قانون 175 لعام 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حيث تضمن مشروع القانون في مادته الأولى بطلب باستبدال محتوى المادتين (26،25) لتصبح العقوبات كالآتي:


الحبس لمدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن 500 ألف ولا تزيد عن مليون جنيه، لكل من استعمل برامج أو تقنية معلوماتية في انتهاك حرمة الحياة الخاصة للغير، والحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل 500 ألف ولا تزيد عن مليون جنيه، لكل من استخدام برنامج أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير وربطها بمحتوى منافٍ للآداب، وتغلّظ العقوبة إلى 7 سنوات في حالة أدت الأفعال السابقة إلى الانتحار.


كما تضمنت المادة الثانية من مشروع القانون (المادة 25 مكرر)عقوبة بحبس مدة لا يقل عن سنة وغرامة لا تقل عن مائة ألف ولا تزيد عن 500 ألف، لكل من يرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، بجانب إضافة تعريف للابتزاز الإلكتروني على أنه: استخدام برنامج أو تقنية معلوماتية في تهديد وترهيب الغير بنشر محتوى من شأنه المساس باعتباره وشرفه، أو تسريب معلومات تنتهك حرمته الخاصة، مقابل دفع مبالغ مالية أو استخدامه للقيام بأعمال غير مشروعة.



تعليقات