القائمة الرئيسية

الصفحات

مأساة المذاكرة.. كيف تتغلب على صعوبات التعلم؟

صعوبات التعلم


طبيب: صحة الأم أثناء الحمل والولادة من أهم المؤثرات

خبراء علم النفس: عوامل وراثية وغذائية تؤثر في صعوبات التعلم.. ودور الآباء والمعلمين أساسي في العلاج


كتبت: رحاب الهريجي


تعتبر صعوبات التعلم من المجالات الحديثة نسبياً مقارنة مع مجالات التربية الخاصة الأخرى، ومقارنة بالمجالات التقليدية المتعارف عليها كالإعاقة البصرية، أو الإعاقة السمعية، أو التخلف العقلي، وهي ليست مشكلة محلية ترتبط بمجتمع أو ثقافة معينة بل هي مشكلة ذات طابع عالمي، كان أول ظهور لمصطلح صـعوبات الـتعلم عـام 1963، وشاع استخدامه في مجال التربية والتعليم عند رصد حالات من التلاميذ في المدارس الاعتيادية لا يتجـاوبون مع برامجهـا التعليميـة وفي تاخر مـستمر في التحصيل الـدراسي.

                             

قال الدكتور خالد عبدالمحسن، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة: "من الصعب الاتفـاق عـلى تعريـف صـعوبات التعلم أو وصفها بسهولة، فلا يوجد لها تعريف واضح في التربيـة أو علـم الـنفس أو الطـب النفسي، بل تعددت التعريفات، بتعدد النماذج والنظريات المفسرة لهذا المـصطلح"، مضيفاً أنها مشكلة يعـاني منها ما يقارب 10%: 20% من التلاميذ بسبب اضطرابات قد تكون ناتجة عن اختلال الجهـاز العـصبي أو انخفاض معدل الـذكاء، مما يجعـل هنـاك مـشكلة في التحـصيل الدراسي.


"الذهنية" لا ترتبط بالمصطلح
وأكد عبدالمحسن أن هذه الفئة من الطلاب يتمتعون بعقلية عادية أو فوق عادية، فعلى الرغم من كونهم يواجهون صعوبات في الجانب الأكاديمي، إلا أنهم أسوياء مـن حيـث القـدرات العقليـة، ولا يعـانون مـن إعاقـات سمعية أو بصرية أو حركية أو انفعالية، ولكنهم يعانون من صـعوبات واضـحة في اكتساب مهارات الاستماع أو القراءة أو الكتابة أو الهجاء، واسـتخدامها في أداء العمليات الحسابية، فهم لا يتعلمون بـالطرق العاديـة ويحتاجون إلى طرق خاصة بالتعلم.

ومن جانبها، أوضحت الدكتورة شيماء جمعة، خبير وأستاذ التربية بجامعة القاهرة، وجود عاملين رئيسيين يؤثران في هذه الصعوبات، مضيفة: "الأولى هي العوامل الخارجية، وتتمثل في المؤثرات البيئية الثقافية والاقتصادية والظروف الاجتماعية ونقـص فـرص التعلـيم والـتعلم، والثانية هي العوامل الداخلية، التى  تتضمن الفروق الفردية للمتعلم، وخصائصه من حيث قدراته العقلية ومهاراته وغيرها".


النظام الغذائي و"الجينات" يؤثران في المعدل

وكشفت خبيرة التربية عن الأسباب المؤدية للإصابة بصعوبات التعلم، وتعددها ما بين عوامل وراثية وكيميائية حيوية، وغذائية، بالإضافة إلى "إصابة المخ المكتسبة"، مُعلقة: "وجد أن العوامل الواثية لها تأثير هام في الإصابة بصعوبات التعلم والدليل على ذلك شيوع نسبة الإصابات بين الأقارب، وبالنسبة للكيميائية فتعني قصور التوازن الكيميائي الحيوي في الجسم الذي يرجع إلى طبيعة ونوع الطعام الذي يتناوله الشخص باستمرار، وزيادة أو نقص جرعات الفيتامينات في الأطعمة، أما إصابة المخ المكتسبة فتعود إلى تلف الدماغ أو العجز البسيط المكتسب قبل أو الولادة خلالها أو بعدها".


احذري أيتها المرأة الحامل!
واتفق معها الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، مشيراً إلى وجود علاقة بين صحة المرأة الحامل، واحتمالية إصابة الجنين بصعوبات التعلم مستقبلياً، موضحا: "نقص التغذية أو أي مرض يصيب الأم الحامل يؤثر على جنينها، فضلاً عن  سوء النمو العصبي والجسدي له في حالة تناول الأم للكحول أو المخدرات خلال فترة الحمل".

وتابع: "قد ينتج عن استخدام أدوات طبية حادة، أو الولادة المبكرة المتعسرة، ونقص الاكسجين لدى الجنين، زيادة احتمالية إصابة الجنين خلال فترة الولادة، أما بعد الولادة فتتجمع أسباب إصابته حول حدوث ارتجاج للدماغ نتيجة للسقوط من أعلى أو التعرض لحادث، بالإضافة إلى أمراض الطفولة مثل التهاب الدماغ، والتهاب السحايا، والحصبة الألمانية، والحمى القرمزيـة التي تؤثر في الدماغ، وأجزاء أخرى من النظام العصبي".

وأوضح فرويز المؤشرات الدالة على الإصابة، مجيباً: "يُلاحظ على الطلاب الذين يعانون من الإصابة بصعوبات التعلم تأخرهم في التحصيل الدراسي، وضعف التركيز والتذكر، وصعوبة الحفظ أو التعبير باستخدام صيغ لغوية مناسبة، حيث يستخدمون مستوي لغوي أقل من أعمارهم مقارنة بأقرانهم، وبالإضافة إلى الاندفاع السلوكي، وانخفاض مستوى الفهم والتنظيم وتكامل الأفكار، وتثاقل الكلمات أثناء القراءة والكتابة.

وسلط فرويز الضوء على مؤشر "اضطراب الانتباه"، كأكثر المؤشرات انتشاراً بين الطلبة الذين يعانون من صعوبات التعلم، مذكراً بانخفاض معدل فرط الحركة لديهم، عند الوصول لسن المراهقة بينما يظلون يعانون من نقص الانتباه.


الاضطراب يُلاحق المصابين
وقالت الدكتورة عزة حجازي، خبيرة علم النفس، إن صعوبات التعلم تسبب الاضطراب النفسي، وسوء التوافق في حياة المتعلم، مقارنة بزملائه سواء على المستوى النفسي أو الاجتماعي، ولذلك فمن الضروري تحسين استراتيجية التفكير لدى الطلبة، مستكملة: "عن طريق التأكيد على مفهوم الذات لديهم، فكلما كان تقديرهم لذاتهم أكبر، زادت قدراتهم على التعلم، والحرص على تعريف عملية التعليم على أنها عملية اجتماعية نفسية يتطلب فيها عملهم في مجموعات لزيادة التآلف وتوطيد العلاقات بينهم وبين الآخرين، ومن الجهة الأخرى إلمام الأخرين من البيئة المحيطة بطبيعة أعراض وماهية صعوبات التعلم".


استراتيجية المدارس لتوصيل المعلومة
وفي ذات السياق، أوضحت الدكتورة شيماء جمعة، أن كل طفل له الحق في التعليم، الذى يتناسـب مـع سنه وقدراته واستعداده الطبيعي، ولذلك فإن البرامج المدرسية يجب أن تعطى القالب الذى يتلاءم مع كل طفل، ناصحة كل معلم وأستاذ بتطوير وتوسيع آفاق، ووسائط توصيله للمادة العلمية، مرشحة: "يجب الاستفادة من تكنولوجيا العصر لتسهيل توصيل المعلومات قدر الإمكان عبر استخدام الوسائط المتعددة، ولا مانع أيضاً بإضفاء عنصر التشويق على المهام التعليمية، وإعطاء دور بارز للطالب في عملية التعلم، فكلما كان الطالب فعالاً ومشاركًا في عملية التعلم، زادت قدرته على التفكير والتعلم".

وتابعت: "يمكن تسهيل استرجاع المعلومات، وتذكرها من خلال التكرار مع التركيز على المعنى، وليس مجرد المرور السطحي على المعلومات، كذلك يُفضّل التدريب على الإسهاب، والذي يعني قدرة الطالب على إعطاء أكبر عدد من الأمثلة على المفاهيم الجديدة التي تعلمها، والتمييز بين الأمثلة المنتمية وغير المنتمية لهذه المفاهيم".


الآباء نصف الدواء

ومن الجدير بالذكر أن للآباء دوراً هاماً في تقبل الأبناء وتفهم طبيعة مشكلتهم، والتعاون مع المنشأة التعليمية لبناء برنامج علاجي لهم؛ حتى يستطيعوا أن يقللوا من معاناة وقلق أطفالهم، ويزيدوا من فرص النجاح لديهم وعمل الصداقات وتنمية احترام الذات، ومن واجبهم أيضاً تشجيعهم في كل خطوة من خطواتهم نحو التعلم وتعليمهم كيفية التعامل الإيجابي مع الفشل، ومحاولة السعى للوصول إلى افضل الطرق للنجاح.





تعليقات