القائمة الرئيسية

الصفحات

في ندوة "-18 ".. رجال الدين ينصحون المراهقين بالمداومة على العبادات وطاعة الوالدين

 

قضايا المراهقين الدينية

الدكتور أحمد زكي: على الآباء تربية أبنائهم على الحلال والحرام والإيمان بقضاء الله وقدره


الشيخ محمد عبد المنعم: صغر السن فرصة لتحصيل الحسنات.. وبعض الآباء لا يعودوا أبناءهم على العبادات


القس عادل صموئيل: على الآباء تجنب مهاجمة أبناءهم المراهقين بسبب ما يطرحوه من تساؤلات وجودية


القمص رافائيل ثروت: المراهق يترك العبادات لشعوره بالإجبار.. والحل في الحوار والإقناع



محررة المشروع برفقة الدكتور أحمد زكي والشيخ محمد عبد المنعم

محررة المشروع برفقة القمص رافائيل



أجرى الندوة وأعدها للنشر: هدير عادل وكارين أمجد


تعتبر مرحلة المراهقة من أخطر المراحل العمرية التي تمر على الأبناء؛ نظرا للتغيرات العديدة التي تطرأ عليهم، وتسبب لهم العديد من المشاكل، فبعضهم يبتعد عن العبادات الدينية، وآخرون يتمردون على قرارات آبائهم فيصل بهم الأمر إلى العقوق، وهناك من تنمو لديه غريزة حب الاستطلاع فيتجه لمشاهدة ما لا يجوز فتفسد أخلاقه، وفي هذا الصدد التقينا بالدكتور أحمد زكي، أحد علماء الأزهر الشريف، والشيخ محمد عبد المنعم، خطيب وإمام بوزارة الأوقاف، والقمص رافائيل ثروت، كاهن كنيسة مارمينا في "فم الخليج"، والأب عادل صموئيل كيرلس، قس بمجمع الكنائس المعمدانية المستقلة بمصر، لمناقشتهم حول أبرز المشاكل التي تواجه المراهقين، وكيفية التغلب عليها، وإلى نص الحوار...




س: لماذا يقصر بعض المراهقين في أداء العبادات الدينية؟

قال الشيخ محمد عبد المنعم إن ابتعاد الأبناء وتقصيرهم في أداء العبادات الدينية ثمرة من ثمرات تقصير الآباء في تربية وفهم أبنائهم، فهم لم يعودوهم ويأمروهم على أداء الصلاة منذ الصغر، ولا يذكرونهم بخطورة ترك الصلاة وأنها من الكبائر، ويتهاونون في معاقبة أبنائهم عند تركهم للصلاة، بينما يعاقبونهم على أمور قد تكون هينة.


وقال القمص رافائيل إن المراهق قد لا يفهم  طبيعة الصلاة و الصوم، فيشعر بالإجبار و الإكراه عند القيام بها، لأنه يريد أن يشعر باستقلاله، لذلك لابد من اتباع سياسة الحوار و الاقناع.


وأضاف القس عادل صموئيل أن المراهق يكون في حالة صراع مع السلطة الدينية، لذا علينا  تحبيبهم وترغيبهم مع وضع حرية اختيار القيام بتلك العبادات من خلال تقديم مفهوم الحب الإلهي له، ومن هنا سيأتي مفهوم الحرية المسئولة.


س: ما هو ردك على من يقصر في العبادات بدعوى صغر السن وبُعد لحظة الوفاة؟

أوضح الشيخ محمد عبد المنعم أن صغر السن فرصة على الإنسان استغلالها؛ لتحصيل الحسنات، وأن الله عز وجل يحب الشاب الذي ينشأ في طاعة الله، وعلى الإنسان ألا يستبعد لحظة الوفاة، فالموت لا يرتبط بسن معينة، كما أن العبادات الدينية وخاصة الصلاة لا تُقضي عن الإنسان بعد وفاته.


وقال القس عادل صموئيل إنه لا بد من توجيه بعض الأسئلة للمراهق مثل: كم عدد أصدقائك ومعارفك؟ كم مرة خلال العام الماضي سمعت عن موت أحد أقاربك؟ كم أعمار الذين ماتوا؟ هل تضمن عدم وفاتك الآن؟ ثم أتركه أمام هذه الأسئلة لاتخاذ قراره.


القس عادل صموئيل

س: كيف يرد الأهالي على ما أسئلة أبنائهم المراهقين حول الغيبيات؟

قال الشيخ محمد عبد المنعم إن بعض الآباء يتعاملون بعنف عندما يطرح أبناؤهم تلك النوعية من الأسئلة، وينصحونهم بعدم التفكير فيها، على الرغم من أن الصحابة أنفسهم تعرضوا للوسواس في العقيدة، لذلك فمن الواجب الرد بما جاء في كتاب الله عز وجل، فمثلًا عندما يسأل الابن ماهي الجنة؟ نرد: هي دار الثواب، وفيها ما لا عين رأت، وعندما يسأله عن النار نرد: هي دار العقاب.


ونصح القس عادل صموئيل الأهالي بفهم فلسفة السؤال، فالله أمرنا بأن نفكر ونعمل عقولنا، فكلما سأل الإنسان، بحث و اكتشف، لذا على الأهل عدم الرد بطريقة منفرة، لأن المراهقين في حاجة لاحتواء أفكارهم بدلاً من صدها أو المصادرة عليها.


و قال القمص رافائيل إنه لا بد أن نوضح لهم أن وجود جهنم لا يشككنا في محبة الله، فهو إله عادل و محب، وليس من العدل المساواة بين الأشرار و الأبرار.


س: كيف يمكن للآباء ترغيب أبنائهم في الصلاة والصوم؟

أوضح الشيخ محمد عبد المنعم أنه ينبغي على الآباء شرح جوهر الصلاة لأبنائهم، فهي ليست حركات نؤديها وإنما صلة بين الله وعبدِه، لذلك يجب الحديث عن فضلها، وتشجيع الأبناء عليها، وتذكيرهم بأن الصوم يجعلهم يشعرون بالفقراء ويطهر نفوسهم، ويحصنها من ارتكاب المعاصي، والله سبحانه وتعالي هو المكافئ عليه إذ قال "الصوم لي وأنا أجزي به"، كما أن رائحة فم الصائم أفضل عند الله من رائحة المسك.


و قال القس عادل بإنه يجب وضع الابن أمام حريته المسئولة، وذلك بسؤاله: هل يحتاج الله لصومنا أو لصلاتنا؟ وبالتأكيد ستكون الإجابة لا، وعندما يسأل عن الهدف منهما، نجيبه بالآية: "اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ»، وقتها سيدرك احتياجه للعبادات الدينية لأنها تحميه من الوقوع في الشر.


وقال القمص رافائيل إنه يجب أن يدرك المراهق أن الصوم و الصلاة هما وسيلة للتقرب من الله، وعلى الأهالي الامتناع عن أسلوب الفرض و الإجبار مع التأكيد على أنه لن يستطيع العيش بدون علاقته مع الله.


س: كيف يمكننا إقناع المراهقين أن عقوق الوالدين من الكبائر؟

أكد الدكتور أحمد زكي، أنه من الواجب علينا أن نُذكر الأبناء دائما بنصوص القرآن والسنة في ذلك الأمر، ونقول لهم أن الله عز وجل رفع منزلة الوالدين، ووصى بهما في كتابِه العزيز في أكثر من موضع بقوله "ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا"، وأنه عز وجل جعل طاعتهما من طاعته، مؤكدًا أن ما يفعله الأبناء مع آبائهم سيفعله معهم أبنائهم، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم "بروا آباءكم تبركم أبناؤكم".


وقال القس عادل إن هناك مسئولية مشتركة، فعلى الوالدين أن يكونوا قدوة حسنة أمام الأبناء في معاملة والديهم، لافتا إلى أن المراهق قد يميل للتمسك بالأخلاقيات والقيم إذا شعر بحريته المسؤولة، فعندما تتغير نبرة التوبيخ إلى أسلوب حوار بنّاء قائم على المناقشة، سيخضع للتعلم ويلتزم بإكرام الوالدين.


س: بم تنصح في تعامل المراهق مع الجنس الآخر؟

قال الدكتور أحمد زكي إنه على المراهق أن يجعل انجذابه للجنس الأخر منضبطا بالشرع، وعليه أن يدرك أنه مازال صغيرًا، ولابد له الانتظار حتى ينضج، ويحل له الارتباط الشرعي، وعلى الآباء تعليم أبنائهم القيم الحميدة منذ الصغر، وتعويدهم على معاملة الآخرين كما يحبوا أن يعاملوهم، وعلى المعلم أن يتحدث برفق موجها النصيحة بحنان لمن يلحظ عليه سلوكا غير سليم.


واتفق معه القمص رافائيل أن على المراهق أن يدرك أنه مازال صغيراً على الارتباط، لذا عليه التعامل بحدود مع الجنس الآخر، وألا يفعل شيئاً يجعله يخجل من نفسه أمام الله و الناس.


ونصح القس عادل الآباء بتثقيف أنفسهم حول سن المراهقة ليفهموا طبيعة المرحلة، وخلق حوار مبني على الثقة لا السلطة، الحب لا القهر.


س: بم تنصح المراهقين للامتناع عن مشاهدة الأفلام الإباحية؟

قال الدكتور أحمد زكي إنه على المراهق ألا يجعل الله أهون الناظرين إليه، وأن يتحلى بصفات الصالحين كما قال تعالى "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ"، مشيرًا إلى أن مشاهدة الإباحية مفسدة أخلاقية، وربما تؤدى إلى أضرار صحية تصل إلى العجز  عند الزواج.


وقال القمص رافائيل إنه مكتوب "اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ، وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ كُلُّ مُرّ حُلْوٌ" فإذا كان علاقة الأبناء الروحية مع الله قوية، سيدركون أنهم يرتكبون خطية مُرّة، لا بد من التوبة عنها، كما يجب علينا أن نملأ أوقات فراغهم من خلال تشجيعهم على ممارسة هوايتهم.


س: كيف يتعامل الآباء مع أبنائهم الذين يشاهدون الأفلام الإباحية؟

قال الدكتور أحمد زكي إنه في حال اكتشاف الأب مشاهدة الابن شيئًا إباحيًا، عليه ألا يفضحه، ولا يحط من قدره، فيعاند، ولكن ينبغي عليه الترفق بابنه، وتعليمه أن ذلك السلوك خاطئ، وأن الله عز وجل يرى ما يفعل، بالإضافة إلى متابعته أولا بأول، وتحميل برامج على الهاتف تعوق الوصول للمواقع الإباحية، فبذلك يكون قد قطع أصل الشر.


وقال القس عادل، إنه لا بد من  فتح حوار واع، ومناقشة الأمور بشكل علمي ومنطقي، وعرض الأثر السلبي لمشاهدة تلك الأفلام على الصحة والمستقبل، وحينئذ سيتخذون قرارا بالتوقف، مشيرا إلى أن وعي الآباء يؤثر في طريقة تعاملهم مع الأبناء، ناصحا بالاستفادة من جلسات المشورة التي تقدمها الكنائس لحثهم على معالجة الأمر بهدوء.


س: كيف يتمسك المراهقون بأخلاقهم وسط الانحراف الأخلاقي في المجتمع؟

أوضح الدكتور أحمد زكي أنه يجب أن يجد المراهقون في الكبار من حولهم الأسوة الحسنة، وينبغي على الآباء أن يعلموا أبنائهم منذ الصغر  سير الصحابة والصالحين، وتدريبهم على مكارم الأخلاق كجعل الأب ابنه يتصدق على الفقير بنفسه، أو يعفو عندما يسئ إليه شخص ما، ويحترم الكبير؛ حتى تترسخ لديه الأخلاق الفاضلة.


وقال القس عادل إنه لابد من وجود قدوة في البيت والمدرسة والكنيسة، وإعطائهم فرصة للعيش بحرية مسؤولة، مع تنمية مواهبهم، وأهم ما في الأمر هي علاقة الصداقة بين الآباء والأبناء حيث تسهل تقديم النصيحة لهم إذا لاحظوا انضمامهم لأصدقاء السوء.


س: كيف نقنع المراهقين بأن الانتحار خطيئة وليس حلًا للمشكلات؟

أوضح الدكتور أحمد زكي أنه في البداية علينا أن نعلم أبناءنا الإيمان بقضاء الله وقدره، وعدم الاستسلام للمشكلات، وتحبيبهم في الصلاة، ويجب على الآباء حينما يلاحظون أمرا غير طبيعي على أبنائهم إعطاءهم فرصة للتعبير عما بداخلهم بلا خوف، ولا ينبغي عليهم التحقير من مشاكلهم، ولكن عليهم البحث عن حل لها، وإخبارهم بأنهم مازالوا صغارا، وليس لديهم خبرات وتجارب كافية في الحياة، وتذكيرهم بأن الانتحار خطيئة.


وذكر القس عادل أن الحياة هي أعظم هبة من الله للإنسان، فإذا ملأنا أذهانهم بأفكار إيجابية سيتمسكون بها، لذا علينا تذكيرهم بأن وجودهم هو لقصد إلهي، فالمنتحرون وصلوا إلى طريق مسدود في فهم هدف حياتهم.


وقال القمص رافائيل إنه لا بد من وجود صداقة بين المراهقين و خدام الكنيسة، فعلينا احتواؤهم من خلال الاجتماعات الروحية والأنشطة الكنسية، مما يساعدهم على إدراك معنى حياتهم.


س: كيف نحصن أبناءنا المراهقين من توظيف الدين لأغراض سياسية؟

قال الشيخ محمد عبد المنعم إنه يجب على الأب عندما يجد في ابنه فكرا متطرفا أن يذهب به إلى رجل دين أو مؤسسة أزهرية ذات ثقة؛ لإزالة الأفكار المتطرفة من ذهنه، بالإضافة إلى ضرورة البحث عن صحبة صالحة لابنه، وتفريغ طاقته في أنشطة دينية ودنيوية حتى لا يصبح أسيرًا للجماعات وأفكارها المتطرفة.


وأضاف أنه على المؤسسات الدينية توضيح الفرق بين الحق والباطل، والتذكير بأن قتل النفس من المحرمات، وتوضيح الفرق بين الجهاد، والتحذير من استقطاب الجماعات الشباب باستغلال عاطفتهم تجاه الدين.


وقال القمص رافائيل إن للكنيسة دور هام في غرس حب الوطن بقلوب المراهقين، فمصر وطننا جمعياً مسيحيين كنا أو مسلمين، وعلى المراهق أن يفهم تاريخها العظيم، ويعرف إنجازات الدولة مثل مبادرة حياة كريمة، وغيرهما، فيزيد انتماؤه لوطنه.


س: ما أهم النصائح التي توجهها للمراهقين والآباء والمعلمين بشأن تلك المرحلة العمرية؟

قال الشيخ محمد عبد المنعم إنه على المراهق أن يحسن إلى والديه، ويبحث عن صحبة صالحة ويتحلى بالخُلق الحميد، ويداوم على العبادات، وعلى الآباء أن يتواصلوا باستمرار مع أبنائهم، وأن يعاملوهم برفق وحنان، واستيعاب التغيرات العديدة التي تطرأ على أبنائهم في تلك المرحلة، وعلى المعلم أن يكون قدوة لطلابه، ويقيم صداقة ومحبة بينه وبين طلابه، لا يعنفهم ولكن يوجه لهم النصيحة بلطف ورفق، ويعلم طلابه الالتزام بالمسئوليات.


وقال القمص رافائيل إنه لا بد أن يتقرب المراهقون من الله، لأنه يحبهم كثيراً، و يدركوا أهمية  طاعة الوالدين فهذه وصية الله لنا، أما عن الآباء فاستشهد بالآية: "أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ لِئَلاَّ يَفْشَلُوا"، و على المعلم أن يكون قدوة حسنة لطلابه و يعاملهم كأبنائه.


تعليقات