القائمة الرئيسية

الصفحات

نائب وزير التربية والتعليم لقطاع التعليم الفني: استعنا بممثلي الصناعة لنخرّج صانعًا محترفًا (حوار)

 

محررو المشروع عقب إجراء الحوار

الاستثمار في البشر هو السبيل الوحيد للتقدم.. والتعليم الفني الأكثر ارتباطًا بالتنمية الاقتصادية

2.1 مليون طالب في التعليم الفني.. مقابل 1.7 مليون طالب في الثانوية العامة

استحدثنا نظام "الجدارات" لتغيير النظرة السلبية للتعليم الفني.. ولا يمكن إطلاق لقب "صنايعي" على خريجي التعليم الفني

رغبة خريجي التعليم الفني في الالتحاق بالجامعات.. من أكبر التحديات التي تواجهنا 
حاليًا

هدفنا إنشاء 300 مدرسة تكنولوجية.. و25 جامعة تكنولوجية بحلول 2030.. ونحتل 
المركز الـ68 عالميا


حوار: هايدي شعبان وهدير عادل

تصوير: محمد مجدي أبوزيد


مّر قطاع التعليم الفني بسنوات من الضياع برغم كونه الطريق المباشر للتنمية الاقتصادية، لذلك كثفت وزارة التربية والتعليم جهودها مؤخرا لتغيير النمطية الفكرية السلبية عن التعليم الفني لدى أفراد المجتمع، ولم تكتفِ بذلك بل سعت لتطويره عمليا ومنهجيا باتباعها نظم جديدة يجمع فيها طالب التعليم الفني بالمعارف والمهارات والسلوكيات لتنتج صانعا محترفا مفيدا لمجتمعنا؛ لذلك حاورنا الدكتور محمد مجاهد، نائب وزير التربية والتعليم لقطاع التعليم الفني؛ ليكشف لنا أبرز التطورات والخطط المستقبلية للتعليم الفني.



س: حدثنا عن خريطة التعليم الفني منذ نشأته في مصر؟
برزت أهمية التعليم الفني في عهد محمد علي، الذي وضع خطة لتحديث البلاد منذ توليه حكم مصر في بداية القرن الـ19، وكانت من ضمنها تكوين جيش وأسطول قوي للدفاع عن البلاد، ولكن وجد أن ذلك الأمر لن يتحقق إلا في حالة وجود فنيين مصريين.

فأنشأ محمد على مدرسة "الدرس خانة" لتعليم الطلاب المصريين أصول الزراعة وطرق تقسيم الأراضي الزراعية؛ لتكون مفيدة للمجتمع، وبذلك تكون هي أول مدرسة للتعليم الفني في مصر، ثم أنشأ بعد ذلك مدرسة "المهندس خانة" التي تعتبر أول مدرسة لتعليم الفنيين المصريين أصول الهندسة وحاليا أصبحت تُسمي بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وساهمت تلك المدرسة في تكوين الجيش والأسطول القوي الذي أراد محمد على تحقيقه واستطاع به السيطرة على الشام وأجزاء من إثيوبيا والحجاز والشام وغيرهم من البلاد، وأنشأ أيضًا العديد من الصناعات البدائية التي اعتبرت حصاد هام لما تعّلمه الفنيين بالمدرسة.



س: كيف طورت وزارة التربية والتعليم قطاع التعليم الفني؟ ولماذا؟
السبيل الوحيد للتقدم بالبلاد هو الاستثمار في البشر؛ لذلك اتجهنا لتعليمهم بشكل أفضل وتأهيلهم لسوق العمل، فأنشأت الوزارة العديد من المدارس الفنية بتخصصات مختلفة كالتعليم التجاري والصناعي والفندقي والزراعي، وطورنا مدارس بتخصصات جديدة كمدارس للطاقة الشمسية في محافظات البحر الأحمر والصعيد، وخاصة محافظة أسوان، التي تعتبر رائدة في استخدام الطاقة الشمسية وتوفيرها لمصر وبها محطة بنبان بجنوب أسوان، وتعمل الوزارة على إنشاء مشروع للطاقة الشمسية بمركز إدفو، وإنشاء مصنع سيكون من أكبر مصانع إنتاج السكر في العالم بمحافظة المنيا.

وتهتم الدولة بالتعليم الفني؛ لاعتباره الأكثر ارتباطًا بالتنمية الاقتصادية وتوجد منطقة اقتصادية حرة بقناة السويس فتجذب المستثمرين الأجانب للاستثمار في مصر، لكنهم بحاجة لوجود فنيين يتمتعون بمهارات عالية وفي حالة وجود نقص بهم، لذلك يغادرون البلاد أو يضطرون لاستيراد عمالة من الخارج خصوصا من الصين والهند وباكستان وكوريا الجنوبية.



س: كم عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم الفني مقارنة بالسنوات الماضية؟ وما المتغيرات التي ساهمت في الزيادة؟
يتراوح عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم الفني ما بين 50: 55% من إجمالي طلاب المرحلة الثانوية، وتزداد النسبة بشكل ملحوظ كل عام، نتيجة الرغبة المتزايدة للالتحاق بالتعليم الفني، ونتيجة زيادة عدد السكان أيضًا، ولكن تلك النسبة تختلف من محافظة لأخري، فنجد عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم الفني في القاهرة الكبرى يصل إلى 35% من إجمالي خريجي الإعدادية، أما بمحافظات الصعيد كمحافظة أسوان يصل عدد الملتحقين إلى 70% أو أكثر، فالزيادة والنقصان من محافظة لأخرى مرتبط بالأنشطة الاقتصادية المتوفرة في كل منطقة وفرص العمل المتاحة بها.



س: أنا كطالب تجاوزت مرحلة الشهادة الإعدادية.. ما الذي يجعلني أفضل التعليم الفني بدلا من التعليم العام؟
نوضح في البداية أن عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم الفني بالعام الدراسي الحالي بلغ 2.1 مليون طالب وذلك أكبر من عدد طلاب الثانوية الذين بلغوا 1.7 مليون طالب، وأهم أسباب الإقبال على التعليم الفني هو تنوع وتعدد التخصصات البالغة 160 تخصص موزعة على أربعة فروع أساسية: صناعي وتجاري وفندقي وزراعي.

ويجذب التعليم الصناعي أكبر عدد من الطلاب، يبلغ حوالي مليون طالب، يليه التعليم التجاري بحوالي 800 ألف طالب، ويتسم بأن نسبة الفتيات فيه تقترب من 70% ولكن مشكلته ضعف علاقته بسوق العمل، أما التعليم الزراعي فيلتحق به حوالي ربع مليون طالب، وهو يضم كل أنواع الأنشطة الزراعية بما فيها التصنيع الغذائي، فضلا عن وجود نوع من التعليم يسمى بالتعليم المزدوج، بدأ منذ التسعينيات، ويُقصد به أن الطالب يتدرب في المصانع أو الفنادق أو المزارع، ويذهب للمدرسة عددا محدودا من الأيام.



س: ما استراتيجية الوزارة لتطوير قطاع التعليم الفني؟
توجد نظرة سلبية متربصة بذهن رجال الأعمال عن خريجي التعليم الفني، قوامها أنه يمتلك المعلومات ولكن يفتقد إلى المهارات والسلوكيات؛ لافتقار الدولة للموارد المالية الكافية لإصلاح البنية الأساسية لديهم، فنظرنا لما توصلت إليه الدول المتقدمة بالتعليم الفني كالصين والهند وكوريا الجنوبية وغيرهم، وبدأنا بتطوير المناهج بنسبة فاقت الـ70% منها؛ لتجمع بين المهارات والمعارف معا، كما استعانا بجهات أجنبية لتدعمنا في تطوير التعليم الفني لجذب المستثمرين الأجانب للاستثمار بمصر.

ولأول مرة في التاريخ استعانا بممثلي الصناعة؛ ليختبروا طلاب التعليم الفني عمليا، وبذلك لم نضع المسئولية فقط على النظام الدراسي، بل على ممثلي صُناع سوق العمل الخارجي.

س: ما هو نظام "الجدارات"؟ وكم عدد المدارس التي طبقته؟
تركيبة ذلك النظام مكونة من إتقان المعارف والمهارات والسلوكيات سويا حيث أُنشأ ورش للعمل يقدمها ممثلين للصناعة، ويقدمون بها خبرات وأدوات تقنية تجعل خريجي التعليم الفني جديرين بكل فرص العمل المقدمة، بدأ تطبيقه في 2018 في نحو 100 مدرسة، وصولا إلى 2022 حيث بلغ عدد المدارس التي طبقته أكثر من 400 مدرسة، بما يمثل 30% من إجمالي عدد المدارس، مع العلم أننا سنطبق أسلوب الجدارات على كافة المدارس عام 2025.

س: ما آليات تدريب المعلمين بالتعليم الفني وتطوير مستواهم؟
نستعين بما توصلت إليه الدول المتقدمة خاصة الاتحاد الأوربي وأمريكا وألمانيا، ونضيف إليه لنتمكن من تطبيقه وبالأخص تدريب المعلمين على إتقان منهجية الجدارات، من خلال ورش عمل مكثفة أجريت لهم، علمًا بأن لدينا في التعليم الفني ١٤٠ ألف معلم، أي تقريبًا ١٠% من إجمالي معلمي وزارة التربية والتعليم.



س: وماذا عن المدارس التكنولوجيا التطبيقية؟
هي من أهم أسباب تغيير الصورة النمطية السلبية عن التعليم الفني، وفكرتها قائمة على إحداث شراكة بين وزارة التربية والتعليم والقطاع الخاص ممثل في رجال الأعمال، وتهدف إلى تحويل بعض مدارسنا إلى مدارس فنية حديثة مثلما يحدث في اليابان وألمانيا، وبدأنا بتطبيقها منذ عام 2018 بثلاث مدارس، حتى وصل إلى أكثر من 16 مدرسة، في العام الدراسي الجاري، ونهدف إلى إنشاء 300 مدرسة بحلول 2030.

ولأهميتها.. وقعنا بروتوكول تعاون مع مؤسسة العناني لإنشاء مدرسة محمود العناني للتكنولوجيا التطبيقية بمحافظة المنيا، المتخصصة في المحاصيل الزراعية  التقليدية ومحاصيل التصدير لتساهم في زيادة الناتج المحلي، كما أنشأت شركة  WEعدد 6 مدارس متخصصة في تكنولوجيا المعلومات قائمة على إتقان اللغة الإنجليزية، باعتبارها لغة عالمية ضرورية لاستيعاب التكنولوجيا، ومعظم المعلمين بها مهندسين اتصالات، وتلك المدارس لديها اعتماد دولي ومناهج معتمدة على نظام الجدارات بالكامل.

س: ما عدد الطلاب الملتحقين بتلك المدارس؟ وما شروط الالتحاق بها؟
عدد الطلاب الملتحقين بها محدود؛ نظرا لالتزامنا بألا يتعدى عدد الطلاب بالفصل 25 طالبا؛ لذلك نعيد اختبار الطلاب الراغبين بالالتحاق بالمدارس التكنولوجيا التطبيقية في مهارات القراءة والكتابة، وإتقان اللغة الانجليزية والرياضيات والحاسب الآلي، كما يخضعون للكشف الطبي.

س: كيف نضمن ألا يتراجع مستوى التعليم بتلك المدارس في حالة تكدس الطلاب بها؟
لا يمكن أن يحدث تكدس للطلاب بتلك المدارس؛ لأنها مصممة على ألا يزيد كثافة الطلاب بالفصل الواحد حتى لا يصير نظام التعليم بها نظريا كباقي مدارس التعليم الفني التقليدية، بالإضافة إلى ذلك نسعى لإنشاء تلك المدارس بكل أنحاء الجمهورية، وبالفعل أنشأناها بـ17 محافظة، وبعد ثلاث سنوات ستنتشر بكل المحافظات.

ويشرف كلٌ من رجال الأعمال، وإحدى جهات جودة التعليم الفني، كغرفة التجارة الألمانية، جودة العملية التعليمية بتلك المدارس، ووضعنا برنامج يساعد الوزارة في تطوير التعليم الفني بتمويل من المعونة الأمريكية؛ لضمان الارتقاء بقطاع التعليم الفني في مصر.


س: ما هو تصنيفنا عالميا في التعليم الفني؟
تجرى تقييمات دولية لتقييم جودة التعليم الفني في عدة دول مختلفة من جهات دولية، مثل البنك الدولي والأمم المتحدة، وجئنا في الترتيب الـ68 من أصل 154 دولة عام 2021، بحسب تصنيف الأمم المتحدة لمؤشر المعرفة العالمي.



س: كيف تتم السيطرة على الانحرافات الأخلاقية والسلوكية داخل المدارس الفنية؟
منذ عام 2019، وبتعليمات رئاسية اعتبرنا سنوات الدراسة في المدارس الفنية بمدارس الذكور وكأنها فترة تجنيد، حيث تكون السنة الأولى سنة تأسيس عسكري ويعّلمهم الضباط المتقاعدين بالقوات المسلحة ويطلق عليهم "قوات الدفاع الشعبي"، وطُبقت على 27 مدرسة من كل محافظة، وسيصل عدد المدارس التي ستطبقه إلى 140 مدرسة بالعام الدراسي القادم.


س: ما مدى توافر بعثات للخارج للمتفوقين في التعليم الفني كما يحدث في التعليم العام؟
الثلاثون الأوائل بالتعليم الفني تكون من بينهم حوالي 22 : 24 طالبة، لذلك خصص لهم المجلس القومي للمرأة جوائز ومكافأت مالية، وفي عام 2021 تكفلت إحدى الجهات بالمصاريف الجامعية للطلبة الأوائل كلهم، لكن طلاب الثانوية العامة مازالوا الأكثر جذبا للاهتمام من الجهات الرسمية.



س: ما فرص التعليم الجامعي المتوفرة لطالب التعليم الفني؟
الجامعات التكنولوجية متوفرة لخريجي المدارس التكنولوجيا التطبيقية، وكلية الهندسة لخريجي المدارس الصناعية، لكن تواجههم مشكلة عدم إتقان العلوم الأساسية كطلاب الثانوية العامة لذلك يجرون معادلة في الفيزياء والكيمياء وغيرهم، لكن الجامعات التكنولوجية هي الأكثر ارتباطا بشئون العمل عن كلية الهندسة، فكلية الهندسة تخرّج مصمما، لا فنيا مشرفا على العمل، علما بأنه سيتم توفير 25 جامعة تكنولوجية عام 2030.



س: كيف نطور عقلية الطالب ليكون صانعا محترفا وليس مجرد "صنايعي"؟
لا يمكن إطلاق وصف كلمة "صنايعي" على خريجي التعليم الفني، فعلى سبيل المثال خريج مدارس تكنولوجيا المعلومات هل يمكن أن نقول عليه "صنايعي تكنولوجيا معلومات".. بالطبع لا.. فالتطور التكنولوجي وتطوير التعليم بمنهجية الجدارات هو الوسيلة لخلق صانع محترف لديه مهارات وسلوكيات سليمة تؤهله لسوق العمل، ومع مرور الزمن سيختفي مصطلح "صنايعي" على طالب التعليم الفني.



س: ينظر البعض للتعليم الفني كـ"بوابة خلفية لدخول الجامعة".. كيف ترى هذه الفكرة؟

التعليم الفني ليس هدفة الأساسي هو إعداد الطالب لدخول الجامعة، وحددت المادة 20 من الدستور مهمة التعليم الفني في "أن يلبي احتياجات سوق العمل، لذلك فطبقا لمعايير الجودة العالمية"، مع العلم أن 30% من طلاب التعليم الفني التحقوا بالجامعات المصرية ليحصلوا على لقب "خريج جامعي"، وذلك يعني هدرا للمجهود المبذول من الوزارة لتخريج فني محترف.



س: إلى أي مدي يوجد ربط بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل؟
ربط قوي، حيث يشترك رجال الصناعة في وضع المناهج الدراسية مع الوزارة، وفي وضع الامتحانات لتخريج طالب مناسب لسوق العمل مثل خريجي مدارس WE ومدارس الذكاء الاصطناعي ومدارس "الديجتال R ".



س: ما أبرز المعوقات التي تواجه تطوير التعليم الفني؟
التحديات لا تنتهي ومازالت هناك مشاكل، من ضمنها الرغبة في دخول الجامعة بعد الانتهاء من التعليم الفني، ولدينا "نظام العمال" يحتاج إلى تطوير، فبدلا من ألا يذهب الطالب للمدرسة إلا أيام الامتحانات، فيجب أن يوازن بين عدد أيام الدارسة والتدريب، فالنظام مازال في حاجة إلى تطوير خصوصا بعدما زيادة عدد طلاب التعليم الفني.  

 



تعليقات