القائمة الرئيسية

الصفحات

من كل بلد مسلسل..ماذا يجب أن أفعل أثناء المشاهدة؟

ماذا يجب أن أفعل أثناء المشاهدة

الخبراء يدعون إلى المشاهدة النقدية والمتابعة الأسرية الواعية


كتبت: أمنية شريف خليل

إننا نعيش حقبة تاريخية لها وسائلها وتقنياتها ومن أهم وسائل الحقبة الحالية البث عبر القنوات الفضائية، وتأتي الدراما في طليعة الأمر كجزء من القنوات الفضائية التي لا يمكن تجاهل تأثيرها على جميع مناحي الحياة فيشاهدها الجميع كبار وصغار وأطفال ومراهقين وككل شيء يؤثر ويتأثر تبلورت قدرة الدراما التلفزيونية في التأثير في جميع الفئات، والفئة الأكثر تأثرًا في المجتمع هي المراهقون لعدم اكتمال وعيهم بعد، فبرأيك كيف تؤثر الدراما.. بالإيجاب أم بالسلب؟


إن كلمة دراما مأخوذة من كلمة يونانية تتكوّن من شقين الأول يعنى المسرحية والثاني يعني التمثيل، ويُرمز للدراما بالقناعان الأيقونيان وهما الوجه الضاحك والوجه الباكي، ويتبين من ذلك إن الدراما تمثيل وأصل التمثيل التغيير والتباين.

وفي هذا السياق تقول الدكتورة ياسمين أحمد، المدرس بقسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن الدراما تؤثر على سلوكيات المراهقين وقد أُثبت ذلك في العديد من الأبحاث في المجالات العلمية ورسائل الماجيستير والدكتوراه، فأحيانا يحدث تقليد للسلوكيات الموجودة في الأعمال الدرامية مثل السيطرة بالقوة ويحاكيها المراهق حيث لا يزال سلوكه قابل للتشكيل، وذلك بناءً على عوامل كثيرة من أهمها الدراما وتأثيرات البيئة من حوله.


د. ياسمين أحمد فؤاد

تدريس مواد الدراما مهمة أساسية
وأضافت مدرس الإعلام أن تنشيط إدراك المراهقين تجاه الدراما يتم بطرق عديدة، أولها تدريس بعد مواد الإعلام والدراما لطلاب المدارس، بالإضافة لمواد التفكير النقدي لأنها تساعد في تحليل ما تقدمه الدراما من دلائل وأحداث، وهل يمكن تعميمه على الحياة الواقعية على وجه العموم أم لا.


التصنيف العمري للأعمال الدرامية مهم
وأوضحت الدكتورة ياسمين أنه يجب على الآباء والأمهات مشاهدة مواد الدراما مع أبنائهم والنقاش معهم حول سلوكيات الأشخاص والأحداث المُقدمة، وهل هذا يتماشى حدوثه في الواقع أم لا؟ وهل حدوثها فيه خطورة على الحياة الواقعية أم لا؟ كما أنه يجب وضع مجموعة من التحذيرات والمراجعات أو المقالات على الأعمال الدرامية التي تقدم أعمال يشاهدها المراهق لتوعيته بمخاطر هذه السلوكيات، وإنها مجرد تمثيل، كما يجب الالتزام بالتصنيف العمري المناسب للعمل الدرامي.


الدراما مشاهدة جماعية ونقاش!
ويتفق مع الدكتورة ياسمين، الناقد الصحفي محمد عبد الرحمن رئيس تحرير موقع "إعلام.كوم"، موضحا أن مشاهدة المراهق للدراما يجب أن تكون جماعية مع أسرته لكي يحدث نقاش وتفاعل لتعريفه بالسلوكيات الصحيحة من الخاطئة، بالإضافة إلى المشاهدة بمعدل معتدل في جميع الأحوال. 

محمد عبد الرحمن

"ورم" الدراما المستوردة  
وأشارت الدكتورة ياسمين إلى أن مصطلح "الهوس الدرامي للمراهقين" ليس بصحيح فمعنى الهوس في أي شيء هو أن يستهلك الشيء كامل الوقت من الحياة، ولكن ذلك لا يحدث، كما أن مشاهدة الدراما ليست مسألة سيئة، ولكنه يجب الانتباه وتحديد وقت محدد للمشاهدة، أما عن مشاهدة الدراما الغربية فهذا ليس بسيء لأنه نوع من الاطلاع على الثقافات، ولكن يجب أن يكون على قدر من التوازن، ولكن إذا كان المنتج الغربي فاسدا فيجب توجيه المراهق لاختيار ما يتوافق مع قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، وطرح المنتج المحلي البديل.


وأضاف الناقد محمد عبد الرحمن، أن تأثير الدراما الكورية والتركية أو غير المصرية بصفة عامة جاء من الأسرة قبل الأطفال لأن الأمهات بدأوا المشاهدة أولًا، وذلك بسبب الفترة الكبيرة التي شهدت فقرا للدراما المحلية، مشيرا إلى أنه بدأت معالجة ذلك بأعمال تستوفي احتياجات الجمهور المصري ومنصات تنتج أعمال ذات رسالة مناسبة للمجتمع، في ظل الإعلان عن القائمين عليها.


نتفليكس تبني صورة لحياة المراهق
ويرى رئيس تحرير "إعلام.كوم" أن الدراما لها أثر كبير على جمهور المراهقين؛ لأن تفكيرهم غير مكتمل ويحتاجون لمصادر لتنمية الوعي لديهم فمثلًا إذا بدأ المراهق يتلقى الدراما من منصة "نتفليكس" وكان أول ما يتلقاه المشاهد الخاصة بدراما "الكبار فقط"، فقد يبنى صورة الحياة أمامه كانعكاسات لمتابعته للدراما، مما يؤثر في سلوكياته وقيمه.  


واستطرد قائلًا إنه بالفعل تواجدت دراسات كثيرة عن تأثير الدراما على الجمهور ومساهمتها في الإدمان والتدخين، وهل إذا تخلينا تماما عن الدراما سيخلو المجتمع من كل السلوكيات الخطأ؟ وهو ما يحتاج إلى سنوات عديدة للتجربة علميا وعمليا، فهي مسألة نسبية.


الدراما المصرية صناعة عتيدة

وأضاف أنه يجب تنشيط الوعي النقدي لدى المراهقين وإعادة التربية الفنية بالمدارس منذ النشأة لتكوينهم ثقافيًا ومعرفيًا، وتخصيص حصص للطلاب للتحدث عن الكتب والفنون لوقاية المراهق من المؤثرات الضارة، وتعزيز استفادته من الجوانب الجيدة في الدراما المصرية لأنها صناعة عتيدة وذات قيمة.


يحب إعادة نجيب محفوظ
وتابع أن أي عمل درامي ناجح ومفيد، يعمل على تثبيت ملامح وآداب عامة، لذلك فإن التأثيرات التي تفرزها الدراما لابد أن تشكل ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا، والعمل الناجح يأتي من مجهودات الدولة في العثور على نوع من الكُتاب مثل أسامة أنور عكاشة ونجيب محفوظ، بإرث كبير وضخم من الأعمال الثقافية والاجتماعية، ونحتاج للدولة في أن تكتشف مثل هذا النوع من الكُتاب بمساعدة الجهات المعنية والجامعات.


الأمية الدرامية
ويرى الناقد السينمائي رامي عبد الرازق، أن تأثير الدراما التليفزيونية على سلوكيات المراهقين قديمًا لم يكن يسبب الخوف المجتمعي كمال يحدث الآن، بسبب الأمية الدرامية، لأن دراسة اللغة العربية للرواية قائمة على الدراسة اللغوية واكتشاف جمال التعبيرات والأساليب والتراكيب والمحسنات البديعية، وليس على جوهر الدراما، ولذلك يجب إصلاح الهشاشة التربوية والتعليمية، التي جعلت من كل فعل سيء تأثير في سلوك المراهق في الحياة اليومية.


رامي عبد الرازق

تأثير الدراما ليس بخطير ولكن يجب الانتباه إليه
وتابع عبدالرازق أن تأثير الدراما ليس خطيرا ولكن يجب الانتباه إليه، وأضاف أنه توجد أعمال تخاطب الوجدان في البُعد عن القيم السيئة، أو تخاطب المراهق بشكل توعوي وهو ما يتوافق مع رأي الدكتورة ياسمين فؤاد التي ضربت المثل بمسلسل "أبو العروسة" في أنه يساعد الأبناء في معرفة كيفية معاملة آبائهم بالحُسنى.


الدراما محاكاة للواقع
وتقول الناقدة الفنية حنان شومان، إنها تتفق مع مقولة الفيلسوف اليوناني أرسطو بأن الدراما محاكاة لفعل الإنسان، بمعنى أن الكاتب يصوغ القصص من الواقع لإن الظاهرة توُلد قبل الفن، وفي الأساس الفن والدراما يؤثران دومًا فالهدف الأول للفن هو الترفيه، وهو ما يؤثر بالشعور بالاستمتاع، ولكن يكمن الفارق عند المراهقين في وجوب تعليمهم أن الأعمال الدرامية متباينة، وهذا يحتاج إلى القدوة الحسنة لتعليم المراهقين اختيار المضمون الذي يشاهدونه، والتفريق بين ما يُشاهد للاستمتاع، وما هو قضية حقيقية تُكتسب أو تُترك.

حنان شومان

الدويّ على الودان أمرّ من السحر
وأوضحت شومان أن التأثير السلبي للدراما مرتبط بالتكرار، فالتكرار قادر على تغيير ما في المجتمع، فتكرار الأعمال السيئة قد يؤثر على المراهقين، وخاصةً في حالة الدراما الوافدة من الخارج، فمثلًا في الفترة الأخيرة انتشر المسلسل الكوري squid game وما به من ترويج للعنف واستباحة للدماء فمن الطبيعي أن يكون له تأثيرات نفسية واجتماعية في شخصية المراهق.


وأضافت أن العمل الدرامي الذي لا يحمل قضية ولكن يحقق الترفية ناجح، أما العمل الذي يحمل قضية ويحقق الترفية معًا فهو أكثر نجاحًا، ويوجد عمل يتبنى قضية فاسدة، وآخر ينمي قدرتك الذهنية، لذلك فإن تأثيرات الدراما متباينة، وهي خطورة يجب الانتباه إليها لأن قد يوجد فرق بسيط بين عمل بناء وعمل هدام.

تعليقات