القائمة الرئيسية

الصفحات

أقم صلاتك تنعم بحياتك.. لماذا يجب أن تواظب على الصلاة؟

 

فضل الصلاة

كتبت: رنا محمود وكارين أمجد


فضل الصلاة عظيم في جميع الأديان السماوية، فهي عماد الدين، وصلة بين العبد وربه، فقال الله تعالى في القرآن الكريم «واسجد واقترب»، وفي الإنجيل «ٱلرَّبُّ قَرِيبٌ لِكُلِّ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَهُ، ٱلَّذِينَ يَدْعُونَهُ بِٱلْحَقِّ»، فالصلاة هي قوت القلوب، ولذة الأرواح، وراحة الأبدان، فهيا بنا نتعرف على الصلاة من فضيلة الشيخ محمود عبد الصمد، مدير الإدارة الأزهرية بالعاشر من رمضان، والأب برنابا فانوس، راعي كاتدرائية السيدة العذراء مريم بقويسنا.


الشيخ: محمود عبدالصمد والأب: برنابا فانوس ميخائيل

سألناهما: لماذا أمرنا الله بالصلاة وجعلها عهد بيننا وبينه؟


قال الشيخ: الصلاة مُكفّرة للذنوب والخطايا، فقد ورد في حديث نبيّنا محمد -صل الله عليه وسلم- أنه قال: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا).


وقال الأب: تمثل الصلاة دوراً هاماً ومحورياً في حياتنا، فمن خلالها نعترف بخطايانا أمام الله، كما أنه مكتوب "إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ"، غير أن الصلاة هي صلة بين الله والإنسان، فالله يريد دائما أن يتواصل معنا، حيث يجد مسرته في الحديث مع بني آدم، كما أن الصلاة تساعدنا في إدارك قوة الخالق، فالدخول إلى محضره يشعرنا بالرهبة ويساعدنا في التقرب إليه.



الصلاة وقضاء الحاجة

ما فضل الصلاة؟ وكيف تغير حياتنا؟

قال الشيخ: يبعث الالتزام بالصلاة على الفرد الكثير من الراحة، والشعور بالاطمئنان، والأمان، وتساهم في جعل الفرد يعيش بصورة مستقرة تماما، بعيدًا عن التوتر،  والإزعاج، والخوف، حيث يمنحه الله تعالى السكينة، والهدوء الذي يساعده على العيش بسلام، واتخاذ جميع القرارات الخاصة به بشكل سليم.


وتمكن الصلاة الإنسان من قضاء حاجاته، والوصول إلى ما يريده، بتوفيق الله تعالى له ومنحه الرضا والسعادة، وتساهم في تقوية العلاقة بين الله والعبد، وجعلها أكثر متانة وذلك لأن الصلاة هي حديث العبد مع ربه، وشرح ما يجول في خاطره وحياته.

وقال الله -تعالى- في القرآن الكريم (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)، فالصلاة تَبني وتُقّوِّم الوازع الأخلاقي.


 وقال الأب: للصلاة فضل كبير علينا، فعندما نصلي نشعر براحة نفسية رغم الظروف الصعبة التي قد نمر بها، فهي تمنحنا شعوراً بالاطمئنان، وكما هو مكتوب "أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. لاَ يَدَعُ الصِّدِّيقَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ."، والصلاة تجعلنا نشعر بالفرح والبهجة بأن الله ذاته، كلي القدرة والسلطان، ينصت لصلاتنا حتى في أبسط أمور حياتنا، ويضاف إلى ذلك أنها تساعدنا على اتخاذ القرارات الصائبة في المواقف الصعبة، وتحمينا من ارتكاب الخطايا.


الصلاة تغير الواقع وحياتنا للأفضل، فتعلمنا الخضوع لمشيئة الله الصالحة، والصلاة من أجل الآخرين ترفع عيوننا عن أنفسنا وتركز أنظارنا على احتياجات وآلام المحيطين بنا، فعندما نحمل أثقال بعضنا تزداد روابط المحبة بيننا، كما هو مكتوب " صَلُّوا بَعْضُكُمْ لِأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا".


ما العلاقة بين الصلاة، والتوقف عن الفعل السيء؟

قال الشيخ: الصلاة التي يخشع فيها المسلم وتجعله ذليلًا أمام الله متواضعًا لخلقه، تدفعه لفعل الخير، وتبعده عن الشر، فيكون قوياً بالله مُعتمداً عليه في أموره كلها.

وقال الأب: تعلمنا الصلاة التقوى ومخافة الله وحفظ وصاياه وتعاليمه، وبالطبع هذا يجعلنا نمتنع عن الأفعال الخاطئة، كما هو مكتوب في المزامير" يَا مُحِبِّي ٱلرَّبِّ، أَبْغِضُوا ٱلشَّرَّ. هُوَ حَافِظٌ نُفُوسَ أَتْقِيَائِهِ. مِنْ يَدِ ٱلْأَشْرَارِ يُنْقِذُهُمْ."، فالصلاة تصحح مسار حياتنا.


مخالطة الصالحين.. والانتظام على الصلاة

كيف أنتظم على الصلاة؟

قال الشيخ: يُعين على الرُّجوع والالتزام بالصَّلاة أمور عدّة، فيما يأتي بيانها:

ترغيب النّفس بما ينتظرها في الآخرة من نعيمٍ مقيمٍ في الجنّة، فقد بشّر الله -تعالى- عباده بقوله: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ* أُولَـئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).


وتذكير النَّفس وترهيبها بعقوبة تارك الصّلاة يوم القيامة، وأنّها أوّل ما سيُسأل عنه العبد عند موته، قال -تعالى-: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ).


وتشجيع الغير على الصّلاة كبارًا وصغارًا، ممّا يُساعد على تحفيز الذّات لأداء الصّلوات، والابتعاد عن المشاغل التي قد تؤدي لنسيان الصّلاة.


والتّوبة الصّادقة والصّحيحة، فالتّوبة تمحو ما قبلها، والله -تعالى- يُبدّل السّيئات حسنات، ومخالطة الصّالحين والتّمسك بصحبتهم، والإكثار من الاستغفار لله -تعالى- والحرص على المحافظة على صلاة النّفل.


وقال الأب: ستلتزم بالصلاة إذا أدركت جيداً أنها القوة الفعالة المؤدية إلى حياة التقوى، فهي غذاء الروح، وكما تهتم بإطعام جسدك لابد أن تهتم بغذاء روحك، ومن هنا لن يمكنك الاستغناء عن الصلاة، فالبعد عنها يعني البعد عن الله، مما يؤدي إلى الفتور الروحي، وحينئذ ستصبح ضعيفاً أمام ارتكاب الخطايا وكما هو مكتوب "اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ."


الالتزام بحضور الاجتماعات في الكنيسة والاهتمام بأداء الترانيم الروحية، سيساعدك بشكل كبير على الصلاة، كما أن تواجدك مع جماعة المؤمنين بالكنيسة سيدفعك إلى التقرب منه، فلابد من الامتناع عن المعاشرات الرديئة، وكما هو مكتوب "ٱلْمُعَاشَرَاتِ ٱلرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ ٱلْأَخْلَاقَ ٱلْجَيِّدَةَ".


قراءة أجزاء من الكتاب المقدس بشكل يومي تساعد على الصلاة، فالقراء في كتاب الله تنير عقولنا، وترشدنا إلى الطريق الصحيح.


يجب عليك أن تؤمن بأن الصلاة تؤدي إلى التوبة، فقد يشعر البعض بعدم استحقاق الصلاة أمام الله لكثرة الخطايا والذنوب فيبتعدون عنه، ولكن كما هو مكتوب "اَلرَّبُّ حَنَّانٌ وَرَحِيمٌ، طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَة."


قد يؤدي التخويف والترهيب من الامتناع عن الصلاة إلى نتيجة عكسية، فلابد أن تكون الصلاة نتاج لمحبتنا الحقيقية لله، فإذا قمنا بالصلاة بدافع الحب، سيكون من الصعب علينا تركها.


حكاياتهم مع الصلاة

"حادث" دفع هاجر للالتزام بالصلاة.. وميريكل تستمتع بالهدوء النفسي ومحمد وفرح يصليان وقت الامتحانات ويطلبان "التشجيع".... وميرا مستمرة في المحاولة.. وجوي: "الالتزام بالصلاة يتطلب وقتاً"


قالت هاجر أحمد، البالغة من العمر سبعة عشر عامًا: "في البداية كنت بفكر كيف سأقابل الله عز وجل، وأنا لم افعل عملًا صالحًا أستطيع الوقوف به بين يديه، ومن هنا بدأت في صلاة الفروض فقط، إلى جانب ورد يومي ثلاثة صفحات من القرآن الكريم، وسورة الكهف في كل جمعة، وبدأت في معرفة الصفات التي يحبها الله في عبده، لأنني لا أريد أن أكون عادية، إنني أبغى محبة الله لي.


واستكملت: "السبب الذي جعلني لا أترك فرضا، هو تعرضي لحادث سيارة أثناء ذهابي لأحد الدروس، ولكنه كان حادث مُنجي، فعندما وجدت نفسي سليمة معافية قررت أن أواظب على صلاة الفروض والنوافل، ومن هنا جاء التغيير، الصلاة ساعدتني على التخلص من التشاؤم، وجعلتني دائمًا أحسن الظن بالله، وزادت من فضولي في حب ربنا، حتى يرضيني".


وفي النهاية اختتمت حديثها قائلة: "أنصح من في سني  بالصدقة لأن لها أثر كبير في تحقيق ما تريده نفسك، والدعاء، والاستعانة بالله، ويجب عليك أن تفهم أن ربنا لم يخلقنا ليعذبك، وإنما لتعبُده، أعرف ربنا، وأبحث في كتابه الكريم، عن صفات البشر الذين يحبهم الله، وتجنب الخلوة التي تعصي الله فيها، وإن كنت على يقين أن الناس لا تراك، فرب العالمين يراك، وجاهد نفسك الأمارة بالسوء، واجعل الله في نفسك يجعلك في نفسه، و إذا ذكرته ذكرك، وستخجل من كرم الكريم عليك".


أما محمد عادل، الطالب في الصف الثالث الإعدادي، فقال: "لا أصلي لأنه ليس لدي وقت، أذهب إلى المدرسة صباحًا، وأعود منها لأذهب للدروس، فتتراكم عليَّ الصلاة وأتكاسل عن أداء جميع الفروض، ولكنني انتظمت في فترة، حتى أنني كنت انتظر الصلاة، ولكن فجأة انقطعت عنها، ولا أقرب الصلاة إلا في وقت الامتحانات، أو انتظار الشهادة، وأجد نفسي عندما أصلي وأدعي ربنا، الامتحان يأتي سهلًا، وأشعر بالفرح إن ربنا استجاب ليا، والآن أشعر بالحزن الشديد لعدم صلاتي.


ويستكمل: "أريد الانتظام على الصلاة، لكنني لا أجد من يشجعني لا في المنزل أو خارجه، لا أبي، ولا أمي، يحثوني على الصلاة، حتى في يوم الجمعة، أبي يذهب للمسجد وحده، وفي رمضان عندما أقف لصلاة العصر، لا أحد يشجعني على استكمال باقي الصلوات، وفي الخارج زملائي لا يصلون، وأنا افعل مثلهم".


أما جوي إيليا، الطالبة في الصف الثالث الثانوي، فقالت: "سبب التزامي بالصلاة هو إدراكي أن علاقتي مع الله هي أساس كل شيء، فأحاول دائماً ألا يمر يوم دون أن أرفع قلبي لله، وأتحدث معه عن مخاوفي والمشاكل التي أواجهها، وبعد الانتهاء من الصلاة أشعر براحة نفسية، فالحديث مع الله هو منبع السلام حتى وإن استمرت المشاكل على ما هي عليه، فأنا لدي ثقة كبيرة بأن الله قادرعلى كل شيء ولا يعسر عليه أمر، وهذا ما يطمئنني، ويجب على من يحاول الالتزام بالصلاة أن يدرك أهميتها ومدى تأثيرها في حياته، فهي تساعدنا على تخطي صعوبات الحياة، كما عليه أن يفهم بأن الالتزام بالصلاة لن يحدث بغتة، حيث يتطلب وقتاً طويلاً".


وقالت ميريكل ريمون، البالغة من العمر ١٣ عاماً: "في بداية الأمر لم أكن ملتزمة بالصلاة، ولكن أسلوب حياتي تغير بسبب تكرار حضور الاجتماعات الروحية والقراءة في الكتاب المقدس، فأنا أتمتع بالهدوء النفسي عند الصلاة، حيث تساعدني على عمل كل ما يرضي الله، وأود أن أنصح  بضرورة الالتزام بالصلاة، فهي أجمل شيء على الإطلاق، كما أنكم ستستمتعون بها".


أما فرح وحيد، الطالبة بالصف الأول الثانوي، فقالت: "من الأسباب التي تمنعني عن أداء الصلاة الشعور بالكسل والتراخي، ورغم  الدعم والتشجيع الذي ألقاه من أسرتي، إلا أنني أؤجل وقت الصلاة، حتى ينتهي اليوم فأجد نفسي لم أصل على الإطلاق، وبالطبع هذا يسبب لهم انزعاجا كبيراً، كما أنني أشعر بتأنيب الضمير عندما أصلي في أوقات الامتحانات فقط، وهذا يدفعني إلى المحاولة، ولكنني لا أتجاوز بضعة أيام حتى أعاود وأمتنع عن الصلاة".


وقالت ميرا، البالغة من العمر ١٥ عاماً: "أبتعد عن الصلاة، لانشغالي بالدراسة والأمور الحياتية وتحقيق أهدافي الشخصية، ولكن والدتي تحثني على الصلاة والقراءة في الإنجيل بشكل يومي، ومع ذلك أفشل كثيراً، وبالطبع هذا يشعرني بالضيق والإحباط، ولكنني سأستمر في المحاولة".

 

 



تعليقات